معنى الموقوف والمقطوع والاحتجاج بهما
السُّؤَالُ
ـيا فضيلة الشيخ! هل يصح الاحتجاج بحديث موقوف صحيح ومقطوع صحيح؟ وما دليله؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالموقوف: هو المروي عن الصحابة قولاً لهم أو فعلاً أو نحوه، ويستعمل في غيرهم مقيداً، كما قاله النووي في التقريب.
والمقطوع: هو الموقوف على التابعي قولاً له أو فعلاً، واستعمله الشافعي ثم الطبراني في المنقطع، كما قاله النووي أيضاً، وعليه فالمقطوع بمعناه المشهور ليس حجة قطعاً ولكن يستأنس به.
أما الموقوف ففي الاحتجاج به كلام طويل وخلاف كبير، وفي ذلك أقوال كثيرة، ولنذكر منها ما تيسر:
القول الأول: أنه ليس بحجة وهو جديد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد.
والقول الثاني: أنه ليس بحجة إلا في التعبدي، وادعى الرازي أنه جديد مذهب الشافعي.
والقول الثالث: أنه حجة وهو فوق القياس، وهو قول مالك وأكثر الحنفية والحنابلة، وقديم قولي الشافعي، وعليه فتعارض أقوال الصحابة كتعارض الأدلة.
القول الرابع: أنه حجة وهو دون القياس، حكاه الزركشي في شرح جمع الجوامع.
والقول الخامس: أنه إن انتشر ولم يخالف فهو حجة، قال الزركشي نقله الأصوليون عن القديم أي للشافعي.
والقول السادس: أنه إن خالف القياس كان حجة وإلا فلا، قال ابن برهان: وهو الحق ونصوص الشافعي تدل عليه.
والقول السابع: أنه حجة إن انضم إليه قياس، حكاه الماوردي قولاً للشافعي.
والقول الثامن: أن قول الشيخين أبي بكر وعمر حجة دون غيرهما، حكاه الزركشي.
والقول التاسع: أن قول الخلفاء الأربعة حجة دون غيرهم، حكاه الزركشي أيضاً.
والقول العاشر: أن قول الخلفاء حجة إلا علياً، نسبه بعضهم إلى الشافعي.
وهذه الأقوال إنما هي في حجة قول الصحابي على غير الصحابي، أما على الصحابي فليس بحجة اتفاقاً، حكاه الزركشي، وأقرب هذه الأقوال إلى الصواب هو أن قول الصحابي إذا انتشر ولم يخالف فهو حجة وإجماع سكوتي، وأما إذا لم ينتشر أو كان له مخالف من الصحابة، فليس بحجة ولكن يستأنس به، هذا ما لم يجمعوا، فإن أجمعوا فإجماعهم حجة قاطعة اتفاقاً.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٧ رمضان ١٤٢٤