مجيء الله تعالى وإتيانه يوم القيامة ثابت في القرآن
السُّؤَالُ
ـهل ينزل الله جل وعلا على الأرض بنهاية الكون أو أي يوم آخر، والله من وراء القصد، وجزاكم الله كل خير؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أن السائل الكريم يعني ـ والله أعلم ـ مجيء الله تعالى وإتيانه لفصل القضاء بين عباده يوم القيامة، وهذا أمر ثابت في القرآن، قال عز وجل: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ {البقرة: ٢١٠} .
وقال سبحانه: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ {الأنعام: ١٥٨} .
وقال تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {الزمر:٦٨-٦٩} .
قال الطبري: فأضاءت الأرض بنور ربها.. وذلك حين يبرز الرحمن لفصل القضاء بين خلقه.
وقال البغوي: وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه.
وقال ابن القيم في روضة المحبين: إذا جاء سبحانه وتعالى يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده تشرق لنوره الأرض، وقال أيضا في تحفة المودود: يساقون إلى المحشر حفاة عراة غرلا بُهْما، مع كل نفس سائق يسوقها وشهيد يشهد عليها، وهم بين مسرور ومثبور وضاحك وباك، وجوه يومئذ مسفرة. ضاحكة مستبشرة. ووجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة حتى إذا تكاملت عدتهم وصاروا جميعا على وجه الأرض تشققت السماء وانتثرت الكواكب ونزلت ملائكة السماء فأحاطت بهم، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطت بملائكة السماء الدنيا، ثم كل سماء كذلك، فبينما هم كذلك إذ جاء رب العالمين سبحانه لفصل القضاء فأشرقت الأرض بنوره، وتميز المجرمون من المؤمنين، ونصب الميزان..
وقد عقد الحافظ ابن كثير فصلا في كتاب النهاية في الملاحم والفتن بعنوان: مجيء الرب سُبْحَانه وَتَعَالى يَومَ الْقِيَامَة لفصل القَضَاء.
ويجب أن نعتقد في صفة المجيء والإتيان المنسوب لله تعالى أن كيفيته لا يعلمها إلا هو سبحانه، وأنه يخالف صفات المخلوقات والحوادث، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى: ١١} .
وقال عز وجل: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طه: ١١٠} .
وقد قيل مهما خطر ببالك فالله خلاف ذلك، وقد سبق بيان ذلك أيضا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٥٠٢١٦، ٣٥٨٧٠، ٤١٠٧٠.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٣ ذو الحجة ١٤٢٩