شرح حديث (فيما العمل اليوم)
السُّؤَالُ
ـجاء في صحيح مسلم: جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الْآنَ فِيمَا الْعَمَلُ الْيَوْمَ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ قَالَ لَا بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ قَالَ فَفِيمَ الْعَمَلُ قَالَ زُهَيْرٌ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو الزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْتُ مَا قَالَ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ
فما معنى: فِيمَا نَسْتَقْبِلُ وما هو الفرق بين مَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَما جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ.
وجزاكم الله خيرا.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى نستقبل في الحديث يوضحه رواية الحديث الأخرى: أنعمل فيما جرت به المقادير وجفت به القلم أو شيء نستأنفه أي نستقبله من الليالي والأيام، ومعنى: جفت به الأقلام أي فرغت من كتابته في اللوح المحفوظ.
وجرت به المقادير معناه أنه واقع وفق ما كتبه الله تعالى وقدره في الأزل، وبذلك يتضح لك الفرق بين كتابته وجريان القدر به وفق ما كتب، فالسائل يسأل عما إذا كان المرء قدر له كل ما هو عامل وليس له أن يغير من ذلك شيئا أم أن المقادير لم توضع وللمرء أن يختار الوجهة التي يريد.
هذا وننصح السائل الكريم باستعمال فكره وعقله في مجال يناسبه ويمكن أن يبدع فيه أو ينفعه في دينه ودنياه ولا يضيع وقته ويشغل فكره في مجال التفكير فيه مضيعة للوقت ومتاهة للعقل، فإن القدر سر الله تعالى في خلقه كما قال الإمام الطحاوي في عقيدته: وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى في كتابه: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:٢٣} فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين..
ولله در من قال:
تبارك من أجرى الأمور بحكمه كما شاء لا ظلما ولا هضما
فما لك شيء غير ما الله شاءه فإن شئت طب نفسا وإن شئت مت كظما
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع في الفتويين: ١١١٤٣٩، ١٠٢٩٣٣، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢١ ذو الحجة ١٤٢٩