شرح حديث (..ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا..)
السُّؤَالُ
ـهل دعاء: االلهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك.... ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، هل الدعاء المذكور هو حديث شريف، وإذا كان كذلك فلماذا لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم العقل في قوله (ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا) ، لم يذكر العقل، مع أن العقل هام جداً في الحياة؟ وبارك الله فيكم.ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور هو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا نصه عن خالد بن أبي عمران أن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. رواه الترمذي. وقال هذا حديث حسن غريب.
ومعنى الحديث كما في تحفة الأحوذي وقوله: ومتعنا من التمتيع أي اجعلنا متمتعين ومنتفعين بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أي بأن نستعملها في طاعتك.
قال ابن الملك التمتع بالسمع والبصر إبقاؤهما صحيحين إلى الموت ما أحييتنا أي مدة حياتنا. وإنما خص السمع والبصر بالتمتيع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفة الله وتوحيده إنما تحصل من طريقهما.
لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات وذلك بطريق السمع أو من الآيات المنصوبة في الآفاق والأنفس فذلك بطريق البصر، فسأل التمتيع بهما حذراً من الانخراط في سلك الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولما حصلت المعرفة بالأولين يترتب عليها العبادة فسأل القوة ليتمكن بها من عبادة ربه قاله الطيبي. والمراد بالقوة قوة سائر الأعضاء والحواس أو جميعها فيكون تعميماً بعد تخصيص. فالعقل داخل في الدعاء المذكور إجمالا.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٨ محرم ١٤٢٧