دلالة ثناء أهل الفضل والصدق على الميت
السُّؤَالُ
ـهل هذا الحديث صحيح: يشهد للميت أربعون، وإذا كان صحيحا فإنه يمكن أن يكون المتوفى هذا من أهل الرياء والناس سيشهدون على أنه رجل خير فهل في الحديث تناقض؟ـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث باللفظ المذكور في السؤال لم نجده فيما بين أيدينا من المصادر على كثرتها، ولكن روى البخاري في صحيحه واللفظ له، وأحمد والنسائي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله.
فإن كان هذا الحديث هو الذي عناه السائل فليس فيه تناقض من حيث إمكانية أن يكون الميت مرائيا، وذلك أن الشهادة المعتبرة والمقصودة في الحديث هي شهادة أهل الفضل والصدق؛ لا الفسقة، وبشرط أن تكون مطابقة للواقع.
قال النووي: قال بعضهم: مضى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقا للواقع فهو من أهل الجنة، فإن كان غير مطابق فلا، وكذا عك سه. اهـ
وهذا أحد القولين للعلماء في معنى الحديث.
والقول الثاني: أن هذا الحديث على عمومه، وأن ثناء أهل الفضل والصدق على الميت دليل على أن الله تعالى شاء له المغفرة وإن كانت أعماله لا تطابق شهادتهم، إذ العقوبة غير واجبة على الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وإلهام الله تعالى الناس الثناء عليه دليل على أنه أراد له المغفرة، وهذا القول هو الذي رجحه النووي، وفضل الله واسع ورحمته شاملة.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٢٢ محرم ١٤٢٧