العلاقة بين آية (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ) وتنامي نفوذ الشيعة الآن
السُّؤَالُ
ـأتعتقد أن هذا الحديث له علاقة بما نمر به هذه الأيام من تنامي نفوذ الشيعة؟ وإذا كان الجواب بلا: فما تفسير هذا الحديث: عن أبي هريرة قال: لمَّا نزلت (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) كان سلمان إلى جنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين إن تولينا استُبدلوا بنا؟ , قال: فضرب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على منكب سلمان , فقال: (مِن هذا وَقَومِه , والذي نفسي بيده لَوْ أنَّ الدّينَ تَعَلَّقَ بالثُّرَيَّا لَنالَتْهُ رِجالٌ من أهْل فارِس) .ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
أولاً:
هذا الحديث رواه الترمذي (٣٢٦١) ، وفي إسناده مقال، وقد ضعفه كثير من أهل العلم، قال الترمذي بعد روايته له: غريب في إسناده مقال. وقال البغوي في "شرح السنة" (٧/٢٦١) : غريب. وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (٦/٣٣٠) : روي من طرق كثيرة لم تبلغ مرتبة الصحة. وقال الشوكاني في "فتح القدير" (٥/٦١) : في إسناده مسلم بن خالد الزنجي، فيه مقال معروف.
ورأى بعض العلماء أن تعدد طرق الحديث يقوي بعضها يعضاً، كالألباني رحمه الله، ولهذا صححه في صحيح الترمذي.
والقطعة الأخيرة من الحديث رواها البخاري (٤٦١٥) ومسلم (٢٥٤٦) ولفظها: (لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ - أَوْ قَالَ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ - حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ) .
وأما اللفظ الآخر وهو: (لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ) : فقد رواه أحمد في "مسنده" (١٣/٣٣١) وضعفه محققوه، وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢٠٥٤) ، وفيها قوله: "وجملة القول: أن الحديث ضعيف بهذا اللفظ: "العلم"، وإنما الصحيح فيه: "الإيمان"، و "الدين". انتهى.
ثانياً:
هذا الحديث لا يدل على أن أهل فارس أفضل من الصحابة رضي الله عنهم، وذلك للوجوه التالية:
الحديث في ذاته ضعيف عند كثير من أهل العلم، كما سبق.
على فرض صحة الحديث، فالآية المذكورة فيه وهي قوله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) المراد منها التخويف فقط، وإلا فلا يوجد من هو أفضل من الصحابة رضي الله عنهم، ولا مثلهم.
قال القرطبي رحمه الله:
"قوله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) هو إخبار عن القدرة، وتخويف لهم، لا أن في الوجود من هو خير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى.
" تفسير القرطبي " (١٨ / ١٩٤) .
ج. لم يتفق العلماء والمفسرون على تفسير الآية بهذا الحديث، وأن القوم الذين سيأتون هم من فارس.
قال الماوردي رحمه الله:
" (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم أهل اليمن، وهم الأنصار، قاله شريح بن عبيد.
الثاني: أنهم الفرس – وذكر حديث أبي هريرة -.
الثالث: أنهم مَن شاء مِن سائر الناس، قاله مجاهد" انتهى.
" النكت والعيون " (٥ / ٣٠٧، ٣٠٨) .
٣. وعلى فرض أن الآية في الردة، وأن المقصود بهم العرب، وأن القوم الذين سيحلون مكانهم هم " الفرس ": فإنها تحوي علماً غيبيّاً فيها بشارة للمسلمين من أهل الفرس أنه لا يحدث فيهم ردة عن الدِّين، وفيه إشارة لاحتمال وقوعها من غيرهم، وهو ما حصل بالفعل.
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله:
"وأقول: هو يدل على أن " فارس " إذا آمنوا: لا يرتدون، وهو من دلائل نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن العرب ارتد منهم بعض القبائل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وارتدّ البربر بعد فتح بلادهم وإيمانهم ثنتي عشرة مرة، فيما حكاه الشيخ أبو محمد بن أبي زيد، ولم يرتد أهل فارس بعد إيمانهم" انتهى.
" التحرير والتنوير " (٢٦ / ١٣٩) .
وعلى هذا؛ فلا تعلق للآية ولا الحديث بانتشار الرافضة في الأرض؛ لأن الكلام عن الفرس المسلمين، والرافضة الفرس ليسوا منهم.
فإما أن يقال: لم يحصل تولي عموماً لا عن الطاعة، ولا عن النفقة، فلم يحصل استبدال، أو يقال: حصل التولي من بعض العرب فجاء الله تعالى بالبديل من مسلمي الفرس، فخدموا دين الله تعالى، وساهموا في نشره، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في ذلك.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عِياناً، فإنه وُجد منهم – أي: من الفرس - من اشتُهر ذِكرُه من حفَّاظ الآثار، والعناية بها، ما لم يشاركهم فيه كثيرٌ من أحدٍ غيرهم" انتهى.
" فتح الباري " (٨ / ٦٤٣) .
ولمعرفة بعض عقائد الشيعة الروافض التي خالفوا بها المسلمين انظر جواب السؤال رقم (٤٥٥٦٣) و (١١٨١٠١) و (٦٠٠٤٦) .
والله أعلم
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب