يستحب تخير الزوج الصالح حسن الصورة
السُّؤَالُ
ـقرأت حديثًا وأريد أن أعرف صحته، وما الأحكام المنوطة به، وما معنى سيء المنظر. ذكر القرطبي فيما معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أولياء الأمور أن لا يزوجوا بناتهم لمن كان قبيح المنظر أو دميم الخلقة. كما ذكر أيضاً أن امرأة ثابت بن قيس ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ما تجده من قبح زوجها وأنها لا تطيق أن ترى وجهه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه مهره؟ فقالت: وأكثر لو أراد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: خذ ما أعطيتها وخل سبيلها، فطلقها. أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
الذي وقفنا عليه من الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتبار الجمال في الخاطب المتقدم للفتاة، حديثان اثنان:
الحديث الأول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ)
رواه البخاري (٤٨٠٢) ومسلم (١٤٦٦)
والعلماء يقولون إن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم للرجال هو خطاب للنساء أيضا، وقد سبق في موقعنا في جواب الرقم: (١٢٥٩٠٧) ، بيان استحباب هذه الصفات في الرجال والنساء.
الحديث الثاني:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:
(أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ. قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)
رواه البخاري (رقم/٥٢٧٣)
وفي رواية أنها قالت:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي لَا أَعْتُبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ. قَالَتْ نَعَمْ) رواه البخاري (رقم/٥٢٧٥)
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث أن من أسباب طلب امرأة ثابت بن قيس الطلاق منه هو أنه دميم الخلقة. يراجع في ذلك " فتح الباري " (٩/٤٠٠)
وهذان الحديثان ليسا صريحين في حث الأولياء على مراعاة جمال صورة من يخطب بناتهم.
ولكن روي ذلك صريحا عن بعض الصحابة والتابعين:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح، فإنهن يُحبِبْنَ ما تحبون)
رواه سعيد بن منصور في سننه (رقم/٧٨١) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (٤/٩٤) ، وابن شبة في " تاريخ المدينة " (٢/٣٣٨) ، وابن أبي الدنيا في " العيال " (ص/٢٧٢) ، من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن الخطاب.
وروي أنه رضي الله عنه أُتِيَ بامرأة شابة زوجوها شيخاً كبيراً فقتلته، فقال:
(يا أيها الناس! اتقوا الله ولينكح الرجل لمته من النساء، ولتنكح المرأة لمتها من الرجال، - يعني: شبهها -)
رواه سعيد بن منصور في سننه (١/٢١٠)
وروى ابن أبي الدنيا أيضا في " العيال " (ص/٢٧٥) بسنده عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أبو بِكرٍ دعاها إلى رجل فهويت غيره؟ قال: يلحق بهواها.
يقول الغزالي رحمه الله:
" يجب على الولي أيضا أن يراعي خصال الزوج، ولينظر لكريمته، فلا يزوجها ممن ساء خَلقُهُ أو خُلُقه، أو ضعف دينه، أو قصر عن القيام بحقها، أو كان لا يكافئها في نسبها.
قال صلى الله عليه وسلم: (النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته) - قال البيهقي في " السنن الكبرى " (٧/٨٣) : روي مرفوعا والموقوف أصح -.
والاحتياط في حقها أهم؛ لأنها رقيقة بالنكاح، لا مخلص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال، ومهما زوج ابنته ظالما أو فاسقا أو مبتدعا أو شارب خمر فقد جنى على دينه، وتعرَّض لسخط الله لما قطع من حق الرحم وسوء الاختيار.
وقال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟
قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها " انتهى.
" إحياء علوم الدين " (٢/٤١)
وانظر جواب السؤال رقم: (٥٢٠٢) ، (٦٩٤٢)
والله أعلم.
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب