لا يشرع مسح العنق في الوضوء
السُّؤَالُ
ـهل يستحب مسح العنق في الوضوء؟.ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
لا يستحب مسح العنق في الوضوء، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عنقه في الوضوء، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح على عنقه ; ولهذا لم يستحب ذلك جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبهم، ومن استحبه فاعتمد فيه على أثر يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه، أو حديث يضعف نقله: أنه مسح رأسه حتى بلغ القَذَال. ومثل ذلك لا يصلح عمدة، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث، ومن ترك مسح العنق فوضوءه صحيح باتفاق العلماء " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (٢١/١٢٧) .
وهذا الحديث: (أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه حتى بلغ الْقَذَالَ، وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا) . رواه أبو داود (١٣٢) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
وذكر النووي في "المجموع" (١/٤٨٩) اختلاف أصحاب الشافعي رحمهم الله في مسح الرقبة في الوضوء، ثم قال: هذا مختصر ما قالوه، وحاصله أربعة أوجه: أحدها: يسن مسحه بماء جديد. والثاني: يستحب ولا يقال مسنون. والثالث: يستحب ببقية ماء الرأس والأذن. والرابع: لا يسن ولا يستحب. وهذا الرابع هو الصواب، ولهذا لم يذكره الشافعي رضي الله عنه، ولا أصحابنا المتقدمون، ولم يذكره أيضا أكثر المصنفين , ولم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت في صحيح مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) وفي رواية لمسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) وأما الحديث المروي عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ. فهو حديث ضعيف بالاتفاق. وأما قول الغزالي: إن مسح الرقبة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ) فغلط، لأن هذا موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى.
و (الْغُلِّ) هو القيد والسلاسل التي يكون في الرقبة. قال الله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ) الرعد/٥. وقال: (وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبأ/٣٣.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/١٩٥) :
" ولم يصح عنه (صلى الله عليه وسلم) في مسح العنق حديث البتة " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
" لا يستحب ولا يشرع مسح العنق، وإنما المسح يكون للرأس والأذنين فقط، كما دل على ذلك الكتاب والسنة " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (١٠/١٠٢) .
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب