صلاة النساء في مكان أخفض من مكان الإمام
السُّؤَالُ
ـلدينا في القرية مسجد قديم تم البناء فوقه، وفي رمضان تصلي فيه النساء حيث يصل الصوت إليهن عبر مكبر الصوت. هل يجوز صلاة النساء حيث إنهن في مكان أخفض من المكان الذي يوجد فيه الإمام؟ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
إذا كان المأموم في المسجد، فيصح اقتداؤه بالإمام بمجرد سماع التكبير، ولا يشترط أن يرى الإمام أو المأمومين.
وأما من كان يصلي خارج المسجد فيشترط أن يرى الإمام أو المأمومين، كما يشترط اتصال صفه بمن في المسجد. وراجع جواب السؤال رقم (٩٣٣٦٩) .
وعليه؛ فإذا كانت النساء يصلين في المسجد، ويسمعن التكبير، صح اقتداؤهن بالإمام، ولا يضر كونهن في مكان أخفض من محل الإمام.
والحديث الوارد في النهي عن علو الإمام على المأموم مختلف في صحته، وحمله بعض أهل العلم على ما إذا صلى الإمام وحده في المكان المرتفع، أما إذا صلى معه بعض المأمومين وكان بعضهم في المكان المنخفض، فلا حرج في ذلك.
فلا يدخل في الكراهة صلاة من في الطابق الأسفل بإمام في الطابق الأعلى، معه غيره من المأمومين.
قال في "زاد المستقنع": " وتصح خلف إمام عالٍ عنهم، ويكره إذا كان العلو ذراعا فأكثر".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " قوله: (وتصح خلف إمام عال عنهم) أي: عن المأمومين.
مثل: أن يكون هو في الطابق الأعلى وهم في الطابق الأسفل، وهذا يقع كثيراً، فتصح الصلاة ولا حرج فيها.
ودليل صحة الصلاة خلف الإمام إذا كان عاليا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صنع له المنبر صلى عليه، يصعد ويقرأ ويركع، وإذا أراد أن يسجد نزل من المنبر فسجد على الأرض، وقال: (يا أيها الناس، إني صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي) .
قوله: (ويكره إذا كان العلو ذراعا فأكثر) أي: يكره إذا كان الإمام عاليا على المأموم ذراعا فأكثر.
ودليله: الحديث: (إذا أم الرجل القوم؛ فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم) ، ولكن هذا الحديث لا تقوم به الحجة.
والجمع -عند من احتج به- بينه وبين الحديث الثابت في الصحيحين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم على المنبر: أن المنبر لا يتجاوز الذراع غالبا، فيحمل هذا الحديث على ما إذا كان العلو كثيرا، ولكن يبقى النظر في تقديره بالذراع.
والجواب: أن درجات المنبر غالبا لا تزيد على الذراع.
والخلاصة: أن المؤلف يرى أنه لا بأس أن يكون الإمام أعلى من المأموم، إلا أنه يكره إذا كان العلو ذراعا فأكثر.
القول الثاني: أنه لا يكره علو الإمام مطلقا؛ لأن الحديث الذي استدل به الأصحاب رحمهم الله: ضعيف، والضعيف لا تقوم به الحجة.
وقيّد بعض العلماء هذه المسألة بما إذا كان الإمام غير منفرد بمكانه، فإذا كان معه أحد فإنه لا يكره؛ ولو زاد على الذراع؛ لأن الإمام لم ينفرد بمكانه، وهذا لا شك أنه قول وجيه؛ لأنه إن انفرد الإمام بمكان؛ والمأموم بمكان آخر؛ فأين صلاة الجماعة والاجتماع؟
مسألة: لو كان المأموم في مكان أعلى فلا يكره، فإذا كان الإمام هو الذي في الأسفل، وهناك أناس يصلون فوقه فلا حرج ولا كراهة " انتهى من "الشرح الممتع" (٤/٣٠٠) .
والحديث المذكور: (إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم) رواه أبو داود (٥٩٨) .
قال الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود: حسن لغيره.
وعلى القول بصحة الحديث وصلاحيته للاحتجاج به، فإن المكروه إذا دعت إليه الحاجة زالت الكراهة، ومعلوم أن صلاة الإمام في طابق أعلى وصلاة بعض المأمومين في طابق أسفل، إنما يفعله الناس للحاجة، لضيق المكان الذي فيه الإمام، فلا يسع جميع المصلين، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب