Progress Donasi Kebutuhan Server — Your Donation Urgently Needed — هذا الموقع بحاجة ماسة إلى تبرعاتكم
Rp 1.500.000 dari target Rp 10.000.000
لا يحل للحامل والمرضع أن تفطر إلا إذا خافت على نفسها أو ولدها
ـقرأت حديثاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وضع الصوم عن الحامل والمرضع)
فهل معنى ذلك أن الصوم لا يجب عليهما سواء كان هناك مشقة أو لا؟ .ـ
هذا الحديث رواه أبو داود (٢٤٠٨) والترمذي (٧١٥) والنسائي (٢٣١٥) وابن ماجه (١٦٦٧) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ وَالصِّيَامَ، وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِع) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وهذا الحديث مطلق في كل حامل، ولكن قيده العلماء بحصول المشقة عملا بالعلة التي من أجلها شرع الحكم، وهو إفطار الحامل.
ويشبه هذا إطلاق المرض في آية الصيام: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/١٨٥. فإنه صادق على كل مرض، مهما كان يسيرا، وقد عمل بهذا الإطلاق بعض السلف كعطاء، واختاره البخاري. ولكن أبى ذلك عامة أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، فقيدوا الآية بالمرض الذي فيه مشقة عملا بالعلة التي من أجلها شرع له الفطر.
وقد وردت نصوص العلماء بهذا التقييد، بل نُقل اتفاق العلماء عليه كما سيأتي.
أولا: نقول عن السلف. روى أبو داود (٢٣١٨) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا. قال النووي: إسناده حسن.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قيد الحبلى والمرضع بخوفها، وإطلاقه سواء خافت على نفسها أو على ولدها.
وروى الشافعي في الأم قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَقَالَ: تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ.
بَاب قَوْلِهِ: "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ". . . . وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ أَوْ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا: تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ. انتهى.
فهذا تقييد الحكم الوارد عن السلف: ابن عباس، وابن عمر، والحسن والنخعي.
فقد اتفقوا على هذا التقييد أيضاً.
قال الجصاص في أحكام القرآن (١/٢٤٤) بعد أن ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ) قال:
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُخْصَتَهُمَا – أي الحامل والمرضع - مَوْقُوفَةٌ عَلَى خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدَيْهِمَا.
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لا تَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَضُرَّ بِهِمَا الصَّوْمُ أَوْ بِوَلَدَيْهِمَا , وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالإِفْطَارُ خَيْرٌ لَهُمَا وَالصَّوْمُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ كَانَ لا يَضُرُّ بِهِمَا وَلا بِوَلَدَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا الصَّوْمُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمَا الْفِطْرُ.
وقال في البحر الرائق (٢/٣٠٨) :
(وَلِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إذَا خَافَتَا عَلَى الْوَلَدِ أَوْ النَّفْسِ)
أَيْ: لهُمَا الْفِطْرُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ. . . قَيَّدَ بِالْخَوْفِ بِمَعْنَى غَلَبَةِ الظَّنِّ. . . لأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَخَفْ لا يُرَخَّصُ لَهَا الْفِطْرُ.
قال في شرح مختصر خليل (٢/٢٦٢) :
الْحَامِل إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا , أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ، وَإِنْ خَافَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ , أَوْ مَرَضٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ , وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ حَيْثُ خَشِيَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ , وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا , أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ، وَإِنْ خَشِيَتْ عَلَيْهِ مَرَضًا , أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا. . . وَإِلا لَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ.
وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا: أَفْطَرَتْ وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الإِضْرَارَ الْبَيِّنَ , فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَمَلا فَلا يُفْطِرُ صَاحِبُهُ , وَالصَّوْمُ قَدْ يُنْتَقَصُ به بَعْضُ اللَّبَنِ وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ مُحْتَمَلٌ , فَإِذَا تَفَاحَشَ أَفْطَرَتَا.
وقال النووي في المجموع (٦/٢٧٤) :
قَالَ أَصْحَابُنَا: الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إنْ خَافَتَا مِنْ الصَّوْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا , وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا كَالْمَرِيضِ , وَهَذَا كُلُّهُ لا خِلافَ فِيهِ , وَإِنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَوَلَدَيْهِمَا فَكَذَلِكَ بِلا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمَا , وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا لا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا بِلا خِلَافٍ. . . إلخ.
قال ابن مفلح في الفروع (٣/٣٥) :
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى الْوَلَدِ. . . .
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ. وَإِنْ لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٥/٢١٨) :
إنْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا فَإِنَّهَا تُفْطِرُ. . . إلخ.
قال ابن حزم في المحلى (٤/٤١١) :
" وَالْحَامِلُ , وَالْمُرْضِعُ , وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ كُلُّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالصَّوْمِ فَصَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ , فَإِنْ خَافَتْ الْمُرْضِعُ عَلَى الْمُرْضَعِ قِلَّةَ اللَّبَنِ وَضَيْعَتَهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا , أَوْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا , أَوْ خَافَتْ الْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ , أَوْ عَجَزَ الشَّيْخُ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ: أَفْطَرُوا. . . إلخ " انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية (٢٨/٥٥) :
" الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ لَهُمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي رَمَضَانَ , بِشَرْطِ أَنْ تَخَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ , أَوْ الضَّرَرَ أَوْ الْهَلَاكَ , فَالْوَلَدُ مِنْ الْحَامِلِ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا , فَالإِشْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَالإِشْفَاقِ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا ".
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (٤/٢٧٣) على حديث وضع الصوم عن الحامل والمرضع:
" الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الإِفْطَارُ , وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ إذَا خَافَتْ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ , وَالْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ وَقَالُوا: إنَّهَا تُفْطِرُ حَتْمًا ". انتهى.
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (١٠/٢٢٦) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس" اهـ.
فهذه نصوص العلماء في أن الحامل والمرضع لا يحل لهما الفطر ما لم يشق عليهما الصوم.