من فعل شيئا من المحظورات، جاهلا بما يترتب عليها
السُّؤَالُ
ـما الحكم فيمن ارتكب شيئا من محظورات الإحرام، وهو جاهل ما يجب عليه من الكفارة إذا فعل هذا المحظور؟.ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
أولا: ينبغي أن ننبه هنا إلى أن جهل كثير من الحجاج والمعتمرين بأحكام المناسك، هو الذي يوقعهم في ارتكاب المحظورات، أو أداء العبادة على غير الصفة المطلوبة منه؛ فترى الواحد منهم أنفق أموالا كثيرة، خاصة إذا كان يأتي من دول بعيدة ثم أهدر أجره، أو نقصه بسبب جهله بما يجب عليه من أحكام.
فلذلك كان الواجب على من أراد أن يؤدي المناسك أن يتعلم أحكامها قبل الشروع فيها. وقد جاء عن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) رواه ابن ماجة وغيره، وصححه الألباني في تخريج مشكلة الفقر؛ قال الإمام أحمد: معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه، من وضوئه، وصلاته، وزكاته، إن كان له مال، وكذلك الحج وغيره. جامع بيان العلم، لابن عبد البر ١/٥٢، وقال الحسن بن شقيق: سألت عبد الله بن المبارك: ما الذي يجب على الناس من تعلم العلم؟ قال: أن لا يقدم الرجل على الشيء إلا بعلم؛ يسأل ويتعلم، فهذا الذي يجب على الناس من تعلم العلم.. الفقيه والمتفقه، للبغدادي /٤٥، ولهذا بوب الإمام البخاري، رحمه الله، في صحيحه: (باب العلم قبل القول والعمل) .
وليس معنى ذلك أنه يجب على كل أحد أن يحفظ كتابا من كتب المناسك، عن ظهر قلب، بل الواجب على كل مسلم أن يتعلم من ذلك ما يناسب حاله، إما بنفسه، إن كان عنده أهلية ذلك، أو بسؤال أهل العلم، أو بصحبة من يدله على أحكام المناسك، ويعرفه بالواجب عليه، كلما احتاج.
وأما محظورات الإحرام فقد سبق بيانها في السؤال ١١٣٥٦ .
لكن من فعل شيئا من هذه المحظورات جاهلا بأن الله، تعالى، حرم عليه ذلك في حال الإحرام، فلا شيء عليه؛ قال الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/٥.
لكن إن كان يعلم أن الفعل الذي فعله محظور من محظورات الإحرام، التي يحرم عليه فعلها ما دام محرما، لكنه لم يظن أن تترتب عليه كل هذه الأحكام فقد قال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله:
(هذا ليس بعذر؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلا بالحكم، لا يدري أن هذا الشيء حرام، وأما الجهل بما يترتب على الفعل، فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلا محصنا يعلم أن الزنا حرام، وهو بالغ عاقل، وقد تمت شروط الإحصان في حقه، لوجب عليه الرجم، ولو قال: أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له هذا ليس بعذر، فعليك الرجم، وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنى، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا يجب عليه، ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، مع أنه كان حين جماعه جاهلا بما يجب عليه، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية، وانتهك حرمات الله، عز وجل، ترتب عليه آثار تلك المعصية، وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها.) الفتاوى ٢٢/١٧٣-١٧٤.
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب