نذر أن يتصدق بمال ولا يتوفر لديه الآن
السُّؤَالُ
ـأنا طالب عمري ١٦ سنة وقد ذهبت برفقة أحد أصدقائي في الصيف الماضي لحضور محاضرة عن أحوال المسلمين الفقراء في بعض الدول وكان من ضمن ما عُرض بعض المشاهد التي أثرت في الحاضرين فنذرت أنا وصديقي أن نتصدق بمبلغ من المال والمبلغ هذا في الحقيقة ليس صغيراً. كما أسلفت فأنا طالب وليس لدي أي مصدر دخل كذلك الحال مع صديقي وقد عملنا جاهدين خلال الفترة الماضية أن نوفر المبلغ ولكن بعد ذلك كله لم يتوفر منه إلا الثلث. في شهر يونيو حزيران المقبل سأنتقل إلى بلد آخر إن شاء الله ولا أدري إن كنت سأستطيع أن أوفر المبلغ بحلول هذا التاريخ أم لا فهل يظل الدين في عنقي حتى ولو سافرت أم لا وكيف أوفي بهذا النذر؟ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
أولاً:
نشكرك على اهتمامك بأحوال المسلمين والحرص على معرفة أحوالهم ومساعدتهم، وهذا دليل على ما أنعم الله به عليك وعلى صديقك من الإيمان والإخاء الصادق، ونسأل الله تعالى أن يبارك فيكما وأن يعينكما على طاعته ومرضاته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) . رواه البخاري (٦٠١١) ومسلم (٢٥٨٦) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (١٣) ومسلم (٤٥) .
ثانياً:
من نَذر نُذر طاعة وجب عليه الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (٦٢٠٢) .
ونذر الصدقة من نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به، فإن عجزتما عن الوفاء بقي دينا في ذمتكما حتى تقدرا عليه، ولا تأثير لسفرك في هذا.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: لقد نذرت إن توظفت أن أدفع مبلغ (٦٠٠) ريال كفالة يتيم عن والدي ووالدتي، وذلك في كل شهر، وبعد ذلك كفلت يتيماً واحداً لمدة سنة ونصف بواقع (٢٤٠٠) سنوياً، ثم انقطعت لظروف مالية، والآن وبعد انقطاعي وعزمي مرة أخرى على كفالة يتيم حسب المبلغ المتراكم فوجدته (٢٥٠٠٠) ريالاً.
فسؤالي لسماحتكم: ماذا علي أن أفعل؟
فأجابوا: "يجب عليك الوفاء بنذرك؛ لأنه نذر طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) ، وعليك قضاء المبلغ عن الأشهر التي لم تخرجي عنها شيئا؛ لأنها واجبة عليك بالنذر، تقبل الله منك، وأخلف عليك ما هو أكثر وأنفع، وقد قال الله سبحانه:
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) .
ونوصيك مستقبلاً بعدم النذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنذروا؛ فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل) متفق على صحته" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٣/٣٤٢) .
نسأل الله لكما التوفيق والسداد.
والله أعلم.
الْمَصْدَرُ
الإسلام سؤال وجواب