علم النجوم
السُّؤَالُ
ـهل يجوز لنا قراءة علامات النجوم.ـ
الْجَوَابُ
الحمد لله
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: " خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينةً للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلاماتٍ يُهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وكُلف ما لا علم له به ". انتهى صحيح البخاري – باب في النجوم. (٢/٤٢٠)
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
أولاً: علم التأثير.
ثانياً: علم التسيير.
فأما علم التأثير فهو على ثلاثة أقسام:
١- أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور فهذا شرك أكبر؛ لأن من ادعى أن مع الله خالقاً فهو مشركٌ شركاً أكبر، وقد جعل المخلوق المُسَخََََّر خالقاً مُسَخِراً.
٢- أن يجعلها سبباً يدَّعي به علم الغيب فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا. كأن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء؛ لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة؛ لأنه ولد في النجم الفلاني. فهذا الشخص اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب وادعاء علم الغيب كفرٌ مُخرجٌ عن الملة لأن الله يقول: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} النمل ٦٥، وهذا من أقوى أنواع الحصر لأنه حصرٌ بالنفي والاستثناء، فإذا ادعى علم الغيب فقد كذب القرآن.
٣ - أن يعتقدها سبباً لحدوث الخير والشر فهذا شرك أصغر، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم. (ولا ينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه) والقاعدة أن من اعتقد شيئا سببا لشيء، ولم يجعله الله كذلك فقد تعدى على الله لأن مسبب الأسباب هو الله وحده. كمن يستشفي بربط خيط ما، ويقول أنا أعتقد أن الشفاء بيد الله وهذا الخيط هو مجرد سبب فنقول له: نجوت من الشرك الأكبر، ووقعت في الشرك الأصغر لأن الله لم يجعل الخيط سببا ظاهرا للشفاء، وأنت بفعلك هذا قد اعتديت على مقام الربوبية بجعل شيء سببا لشيء والله لم يجعله كذلك. وهكذا من جعل النجوم سبب لنزول المطر وليست كذلك والدليل ما أخرجه البخاري (٨٠١) ومسلم (١٠٤) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَب " فحكم على من نسب المطر إلى النجوم نسبة سبب.
الثاني: علم التسيير. وهو على قسمين:
١- أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية فهذا مطلوب، وإذا كان يُعين على مصالح دينية واجبة كان تعلُمُهَا واجباً كأن يستدل بالنجوم على جهة القبلة.
٢- أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية، فهذا لا بأس به وهو نوعان:
الأول: أن يستدل بها على الجهات، كمعرفة أن القطب يقع شمالاً، والجدي – وهو قريب منه – يدور حوله شمالاً ... فهذا جائز، قال تعالى: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} (النحل ١٦) .
الثاني: أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يُعرف بتعلم منازل القمر فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون، والصحيح أنه جائز وليس فيه كراهه؛ لأنه لا شرك فيه إلا إن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد، وأنها هي الجالبة لذلك فهذا نوعٌ من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها هل هو الربيع أو الخريف أو الشتاء فهذا لا بأس به.
انظر القول المفيد للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله (٢/١٠٢) .
الْمَصْدَرُ
الشيخ محمد صالح المنجد