إذا كان كثيرًا أُخِذَ (٧٦) ما حَوْلَه، مِثْلَ السَّمْنِ.
وقال ابنُ عَقيلٍ: حَدُّ الجامِد ما إذا فُتِحَ وِعاؤهُ لم تَسِلْ أجْزاؤُه.
وظاهرُ ما رَوَيْناه عن أحمدَ خِلافُ هذا؛ فإن الدوشاب لا يكادُ يبلُغ هذا، وسَمنُ الحجازِ لا يكاد يَبْلغُهُ، والمقصودُ بالجمُودِ أن لا تَسْرِيَ النَّجاسةُ (٧٧)، وهذا حاصِلٌ بما ذكَرْناه، فيُقْتَصَرُ عليه.
فصل: وإن تنجَّس العَجِينُ ونحوُه فلا سَبِيلَ إلى تطْهيرِه؛ لأنه لا يُمْكِن غَسْلُه، وكذلك إن نُقِع السِّمْسِمُ أو شيءٌ مِن الحبوب في الماءِ النَّجِس، حتى انْتفَخ وابْتَلَّ، لم يطْهُرْ. قيل لأحمد، في سمسم نُقِع في تِيغَارٍ (٧٨)، فوقَعتْ فيه فأرةٌ، فماتت؟ قال: لا يُنْتَفَعُ بشيءٍ منه. قيل له: (٧٩) أفيُغْسَلُ مِرارًا حتى يذهبَ ذلك الماءُ؟ قال: أليس قد ابْتَلَّ مِن ذلك الماءِ، لا يَنْقَى منه وإن غُسِلَ.
إذا ثَبت هذا فإنَّ أحمدَ قال في العَجِين والسِّمْسِم: يُطْعَمُ النَّواضِحَ (٨٠)، ولا يُطْعَمُ لما يُؤْكَلُ لحمُه. يعني لما يُؤْكَلُ لَحْمُه قريبًا.
وقال مُجاهِد، وعَطاء، والثَّوْريُّ، وأبو عُبَيْد: يُطْعَمُ الدَّجاجَ.
وقال مالك، والشافعيُّ: يُطْعَم البَهائمَ.
وقال ابن الْمُنْذِر: لا يُطْعَمُ شيئًا؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل عن شُحومِ الْمَيْتَةِ تُطْلَى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجلودُ، ويَسْتصْبِح بها الناسُ؟ فقال: "لَا، هُوَ حَرَامٌ" مُتَّفَقُ عليه، (٨١) وهذا في مَعْناه.
(٧٦) في م: "أخذوا".
(٧٧) في م: "أجزاء النجاسة".
(٧٨) في النسخ: "تغار". والتيغار، كقيفال: الإجَّانة، وهى إناء، تغسل فيه الثياب.
(٧٩) سقط من: م.
(٨٠) الناضح: البعير، سمى بذلك لأنه ينضح الماء، أي يحمله من نهر أو بئر لسقى الزرع، ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء.
(٨١) أخرجه البخاري، في: باب بيع الميتة والأصنام، من كتاب البيوع. صحيح البخاري ٣/ ١١٠. =