يُصَافَّ الرِّجَالَ في التَّطَوُّعِ ويَؤْمَّهُم فيه في رِوَايةٍ، بخِلَافِ المَرْأَةِ. وقال الحَسنُ في ثلاثةٍ أحَدُهُم امْرَأَةٌ: يَقُومُونَ مُتَوَاتِرِينَ، بعضُهم خَلْفَ بَعْضٍ. ولَنا، حَدِيثُ أنَسٍ، وهو قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَ فيه، إلَّا الحَسنَ، واتِّبَاعُ السُّنّةِ أوْلَى، وقولُ الحَسَنِ يُفْضِى إلى وُقُوفِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فَذًّا، ويَرُدُّه حَدِيثُ وَابِصَةَ وعليِّ بن شَيْبانَ (١٦). وإن اجْتَمَعَ رِجَالٌ وصِبْيَانٌ وخَنَاثَى ونِسَاءٌ تَقَدَّمَ الرِّجالُ، ثم الصِّبْيَانُ، ثم الخَنَاثَى، ثم النِّساءُ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى فَصَفَّ الرِّجالَ، ثم صَفَّ (١٧) خَلْفَهم الغِلْمانَ. رَوَاه أبو دَاوُدَ (١٨).

فصل: وإن وَقَفَتِ المَرْأَةُ في صَفِّ الرِّجالِ (١٩)، كُرِهَ، ولم تَبْطُلْ صلاتُها، ولا صَلاةُ من يَلِيها. وهذا مَذْهَبُ الشَّافعِيِّ. وقال أبو بكرٍ: تَبْطُلُ صلاةُ من يَلِيها ومن خَلْفَها دُونها. وهذا قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه مَنْهِيٌّ عن الوُقُوفِ إلى جانِبِها، أشْبَهَ ما لو وَقَفَ بين يَدَىِ الإِمامَ. ولَنا، أنَّها لو وَقَفَتْ في غيرِ صَلاةٍ لم تَبْطُلْ صلاتُه، فكذلك في الصلاةِ، وقد ثَبَتَ أنَّ عائشةَ كانت تَعْتَرِضُ بين يَدَىْ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَائِمةً وهو يُصَلِّى (٢٠). وقَوْلُهُم: إنَّه مَنْهِيٌّ. قُلْنا: هي المَنْهِيَّةُ عن الوُقُوفِ مع

(١٦) يأتي حديث وابصة وحديث على بن شيبان في المسألة ٢٥٩، صفحة ٤٩، ٥٠.
(١٧) سقط من: الأصل.
(١٨) في: باب مقام الصبيان من الصف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٥٦. كذلك أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٤١، ٣٤٢.
(١٩) في أ، م: "الرجل".
(٢٠) يأتي الحديث في فصل من فصول المسألة ٢٦٣، وفيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلى من الليل وعائشة معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة.
أخرجه البخاري، في: باب الصلاة على الفراش، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري ١/ ١٠٧. ومسلم، في: باب الاعتراض بين يدى المصلى، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٦٦. وأبو داود، في: باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٦٣. والنسائي، في: باب من ترك الوضوء من مسّ الرجل امرأته من غير شهوة، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٨٥. وابن ماجه، في: باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء، من كتاب الإِقامة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٠٧. والدارمي، في: باب المرأة تكون بين يدى المصلى، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٢٨. والإِمام أحمد، في: المسند =