ولنا أنَّ الأصْلَ طهارةُ الماء (٥٦)، وإصابةُ الماءِ لموضعِ النجاسةِ مَشكُوكٌ فيه، فإنَّ الْمَخْرَجَ ينْضَمُّ إذا وقَع الحيوانُ في الماءِ، فلا يزولُ اليقينُ بالشَّكِّ.
فصل: كلُّ حيوانٍ فحُكْمُ جِلْدِه وشَعَرِه وعَرَقِه ودَمْعهِ ولُعابِه حكمُ سُؤْرِه في الطهارة والنجاسة؛ لأنَّ السُّؤْرَ إنما يثبُت فيه حكمُ النجاسةِ في الموضع الذي نَجُسَ بملاقاتِه (٥٧) لُعابَ الحيوان وجسمه، فلو كان طاهِرًا كان سُؤْرُه طاهِرًا، وإذا كان نَجِسًا كان سُؤْرُه نَجِسًا.
٨ - مسألة؛ قال: (وَكُلُّ إِنَاءٍ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ؛ مِنْ وُلوغِ كَلْبٍ، أَوْ بَوْلٍ، أوْ غَيْرِه، فَإنَّهُ يُغسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرابِ).
النجاسةُ تَنْقَسِم قسمَيْن:
أحدهما؛ نجَاسة الكلبِ والخنزيرِ والمُتَوَلِّد منهما، فهذا لا يختلفُ المذهبُ في أنه يجبُ غَسْلُها سَبْعًا، إحْداهُنَّ بالتُّرابِ، وهو قولُ الشافعىِّ.
وعن أحمد: أنه يجبُ غَسْلُها ثَمانِيًا، إحْداهُنَّ بالتُّرابِ. ورُوِىَ ذلك عن الحسن؛ لحديثِ عبد اللَّه بن الْمُغَفَّلِ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ". روَاه مُسْلِمٌ (١).
والروايةُ الأُولَى أصَحُّ، (٢) ويُحْمَلُ هذا الحديثُ علَى أنه عَدَّ التُّرابَ ثامِنَةً؛ لأنه
(٥٦) في م: "الطهارة".
(٥٧) في م: "ينجس لملاقاته".
(١) في: باب حكم ولوغ الكلب، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم ١/ ٢٣٥.
وكذلك أخرجه أبو داود، في: باب الوضوء بسؤر الكلب، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٨. والنسائي، في: باب تعفير الإناء الذي ولغ فيه الكلب بالتراب، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ٤٧. وابن ماجه، في: باب غسل الإناء من ولوغ الكلب، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٣٠. والدارمى، في: باب في ولوغ الكلب، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي ١/ ١٨٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٨٦، ٥/ ٥٦.
وبلفظ "أولاهن بالتراب" أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في سؤر الكلب، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٣٣. والنسائي، في: باب تعفير الإِناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه. المجتبى من السنن ١/ ١٤٤, ١٤٥.
(٢) تقدمت في صفحة ١٧.