المُسَيَّبِ، أنّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ" (١٠). ورُوِىَ أنّ عمرَ بن الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّه عنه، خَرَجَ مع أصحابِه، فرَأى طَعَامًا كَثِيرًا قد أُلْقِىَ على بابِ مَكَّةَ، فقال: ما هذا الطَّعامُ؟ فقالوا: جُلِبَ إلينا. فقال: بارَكَ اللَّه فيه، وفى مَن جَلَبَه. فقِيلَ له: فإنَّه قد احْتُكِرَ. قال: ومَن احْتَكَرَه؟ قالوا: فُلانٌ مَوْلَى عثمانَ، وفلانٌ مَوْلاكَ. فأرْسَلَ إليهما، فقال: ما حَمَلَكُما على احْتِكارِ طَعامِ المسلمين؟ قالا: نَشْتَرِى بأموالِنا ونَبِيعُ. قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "مَنِ احْتَكَرَ عَلى الْمُسْلِميِنَ طَعَامَهُمْ، لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَضْرِبَهُ اللهُ بِالْجُذَامِ أوِ الْإِفْلَاسِ" (١١). قال الرّاوِى: فأمَّا مَوْلَى عثمانَ فباعَه، وقال: واللهِ لا أحْتَكِرُه أبَدًا. وأمّا مَوْلَى عمرَ فلم يَبِعْه، فرَأيْتُه مَجْذُومًا. ورُوِىَ عن النَّبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال: "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ" (١٢).

فصل: والاحْتِكارُ المُحَرَّمُ ما اجْتَمَعَ فيه ثلاثةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُها، أنْ يَشْتَرِىَ، فلو جَلَبَ شَيْئًا، أو أدْخَلَ مِن غَلَّتِه شَيْئًا، فادَّخَرَه، لم يَكُنْ مُحْتَكِرًا. رُوِىَ عن (١٣) الحَسَنِ ومالِكٍ. وقال الأوْزاعِىُّ: الجالِبُ ليس بِمُحْتَكِرٍ؛ لقولِه:

= فى: باب لا يحتكر إلَّا خاطىء، من كتاب البيوع. مستدرك الحاكم ٢/ ١١. وابن أبي شيبة، فى: باب فى احتكار الطعام، من كتاب البيوع. المصنِّف ٦/ ١٠٢.
(١٠) أخرجه مسلم، فى: باب تحريم الاحتكار فى الأقوات، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١٢٢٧، ١٢٢٨. وأبو داود، فى: باب فى النهى عن الحكرة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٤٣. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الاحتكار، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٧٠. وابن ماجه، فى: كتاب الحكرة والجلب، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٢٨. والدارمى، فى: باب فى النهى عن الاحتكار، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٤٨، ٢٤٩. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٥٣، ٤٥٤، ٦/ ٤٠٠.
(١١) أخرجه ابن ماجه، فى: باب الحكرة والجلب، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٢٩. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢١.
(١٢) أخرجه ابن ماجه، فى: باب الحكرة والجلب، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٢٨. والدارمى. فى: باب فى النهى عن الاحتكار، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٤٩. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى الاحتكار، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٦/ ٣٠.
(١٣) تكملة يقتضيها المعنى.