اللَّفْظُ المُفْرَدُ مُوجِبًا لأَكْثَرَ من المُكَرَّرِ، فإنَّه يَجِبُ بالمُفْرَدِ عِشْرُونَ، وبالمُكرَّرِ (٤٢) أحَدَ عَشَرَ، ولا نَعْرِفُ لَفْظًا مُفْرَدًا مُتَنَاوِلًا لِعَدَدٍ صَحِيحٍ يَلْزَمُ به أكْثَرُ ممَّا يَلْزَمُ بمُكَرَّرِهِ.
فصل: ولو قال: غَصَبْتُكَ، أو غَبَنْتُكَ. لم يَلْزَمْهُ شيءٌ؛ لأنَّه قد يَغْصِبُه نَفْسَه، ويَغْبِنُهُ في غير المالِ. وإن قال: غَصَبْتُكَ شيئا. وفَسَّرَهُ بِغَصْبِ نَفْسِه، لم يُقْبَلْ؛ لأنَّه جَعَلَ له مَفْعُولَيْنِ، فجَعَلَه المَفْعُولَ الأَوَّل وشيئا المَفْعُولَ الثانىَ، ويَجِبُ أن يكونَ الثاني غيرَ الأَوَّلِ. وإن فَسَّرَهُ بمالٍ، قُبِلَ وإن قَلَّ، وإن فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ، أو جِلْدِ مَيْتَةٍ، أو سِرْجِينٍ (٤٣) يُنْتَفَعُ به، قُبِلَ؛ لأنَّه قد يَقْهَرُهُ فَيأْخُذُه منه. وإن فَسَّرَهُ بما لا نَفْعَ فِيه، أو بما لا يُبَاحُ الانْتِفَاعُ به، لم يُقْبَلْ؛ لأنَّ أخْذَ ذلك ليس بِغَصْبٍ.
فصل: وتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الإِقْرَارِ بالمَجْهُولِ؛ لأنَّ الإِقْرَارَ به صَحِيحٌ، وما كان صَحِيحًا في نَفْسِه، صَحَّتِ الشّهَادَةُ به، كالمَعْلُومِ.
٨٥٥ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِى رَهْنٌ. فَقَالَ الْمالِكُ: وَدِيعَةٌ: كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ).
إنَّما قَدَّمَ قَوْلَ المالِكِ؛ لأنَّ العَيْنَ ثَبَتَتْ له بالإِقْرَارِ، وادَّعَى المُقِرُّ دَيْنًا لا يَعْتَرِفُ له به، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. ولأنَّه أقَرَّ بمالٍ لغيرِه، وادَّعَى أنَّ له به (١) تَعَلُّقًا (٢)، فلم يُقْبَلْ، كما لو ادَّعَاهُ بِكَلَامٍ مُنْفَصِلٍ. وكذلك لو أقَرَّ له بِدَارٍ، وقال: اسْتَأْجَرْتُها. أو بثَوْبٍ وادَّعَى أنَّه قَصَّرَهُ، أو خَاطَهُ بأَجْرٍ يَلْزَمُ المُقِرَّ له، لم يُقبَلْ؛ لأنَّه مُدَّعٍ على غيرِه حَقًّا، فلا يُقْبَلُ قَوْلُه إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وكذلك لو قال: هذه الدَّارُ له، ولِى سُكْنَاهَا سَنَةً.
فصل: وإن قال: لَكَ عَلَىَّ أَلْفٌ من ثَمَنِ مَبِيعٍ لم أَقْبِضْهُ. فقال المُدَّعَى عليه: بَلْ لي عَلَيْكَ أَلْفٌ، ولا شىءَ لك عِنْدِى. فقال أبو الخَطَّابِ: فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما،
(٤٢) في الأصل، أ، م: "وبالمركب".
(٤٣) السرجين: الزبل.
(١) في ب: "عليه".
(٢) في م: "تعليقا".