أذْكُرْه. قال ابنُ المُنْذِرِ: وقد أعْتَقَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَفِيَّةَ بنتَ حُيَىٍّ وتَزَوَّجَها (١٩) بغير شُهود (٢٠). قال أنسُ بن مالكٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: اشتَرَى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جارِيةً بسَبْعةِ أرْؤُسٍ (٢١)، فقال الناسُ: ما نَدْرِى أتزَوَّجَها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم جَعَلَها أُمَّ وَلَدٍ؟ فلما أن (٢٢) أرادَ أن يَركَبَ حَجَبَها، فعَلِمُوا أنَّه تَزَوَّجَها. متفقٌ عليه (٢٣). قال: فاسْتَدَلُّوا على تَزْوِيجها بالحِجاب. وقال يزيدُ بن هارونَ: أمَرَ اللَّهُ تعالى بالإشْهادِ فى البَيعِ دُون النِّكاحِ، فاشْتَرطَ أصحابُ الرَّأْىِ الشَّهادةَ للنِّكاحِ، ولم يشتَرِطُوها للبَيْعِ! ووَجْهُ الأُولَى أنَّه قد رُوىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا نِكاحَ إلَّا بِولِىٍّ مُرْشِدٍ، وشَاهِدَىْ عَدْلٍ". رواه الخَلَّالُ بإسْنادِه (٢٤). وروى الدَّارَقُطْنِىُّ (٢٥)، عن عائشةَ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا بُدَّ فِى النِّكَاحِ مِنْ أرْبَعَةٍ؛ الوَلِىُّ، والزَّوْجُ، والشَّاهِدَانِ". ولأنَّه يتعلَّقُ به حَقُّ غيرِ المُتَعاقِدَيْنِ، وهو الوَلَدُ، فاشْتُرِطتِ الشهادةُ فيه، لئلَّا يَجحَدَه أبُوه، فيَضِيعَ نَسَبُه، بخلاف البَيْعِ. فأمَّا نِكاحُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بغيرِ وَلِىٍّ وغيرِ شهودٍ، فمن خصائِصِه فى النِّكاحِ، فلا يُلْحَقُ به غيرُه.

(١٩) فى أ، م: "فتزوجها".
(٢٠) انظر ما يأتى من تخرج حديث بنائه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصفية.
(٢١) فى م: "قريش".
(٢٢) سقط من: أ، ب.
(٢٣) أخرجه البخارى، فى: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازى، وفى: باب فى اتخاذ السرارى ومن أعتق جاريته ثم تزوجها، وباب من جمل عتق الأمة صداقها، وباب البناء فى السفر، وباب الوليمة ولو بشاة، من كتاب النكاح. صحيح البخارى ٥/ ١٦٨، ٧/ ٧، ٨، ٢٨، ٣١. ومسلم، فى: باب فضيلة إعتاق الأمة ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢/ ١٠٤٤ - ١٠٤٦. وأبو داود، فى: باب فى الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٧٤. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٤٠. والنسائى، فى: باب التزويج على العتق، وباب البناء فى السفر، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٩٤، ١٠٩. وابن ماجه، فى: باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٢٩. والدارمى، فى: باب فى الأمة يجعل عتقها صداقها، من كتاب النكاح. سنن الدارمى ٢/ ١٥٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٩٩، ١٦٥، ١٧٠، ١٨١، ٢٠٣، ٢٣٩، ٢٤٢، ٢٤٦، ٢٨٠ , ٢٩١.
(٢٤) وأخرجه البيهقى، فى: كتاب لا نكاح إلا بولى مرشد، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٢٤.
(٢٥) فى: كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٢٥.