رَضِىَ اللهُ عنهم. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: هو قولُ سعيدِ بن المُسَيَّبِ والزُّهْرِىِّ؛ لما رَوَى عَمْرُو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دِيَةُ الْيَهُودِىِّ والنَّصْرَانِىِّ مِثْلُ دِيَةِ المسْلِمِ" (٥). ولأنَّ اللَّه تعالى ذَكَرَ في كتابِه دِيَةَ المسلمِ، فقال: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٦). وقال في الذِّمِّىِّ مثلَ ذلك، ولم يُفَرِّقْ، فدَلَّ على أنَّ دِيَتَهُما واحدةٌ، ولأنَّه ذَكَرٌ حرٌّ مَعْصُومٌ، فتكْمُلُ دِيَتُه كالمُسْلِم. ولَنا، ما رَوَى عمرُو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "دِيَةُ المُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ المُسْلِمِ" (٧). وفي لفظٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى أن عَقْلَ أهلِ الكتابِ (٨) نِصْفُ عَقْلِ المسلمين (٩). رواه الإِمامُ أحمدُ (١٠). وفي لفظٍ: "دِيَةُ المُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الحُرِّ" (١١). قال الخَطَّابىُّ (١٢): ليس في دِيَةِ أهلِ الكِتابِ شيءٌ أثْبَتُ من هذا، ولا بَأْسَ بإسْنادِه. وقد قال به أحمدُ، وقولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْلَى، ولأنَّه نَقْصٌ مُؤَثِّرٌ في الدِّيَةِ، فأثَّرَ في تَنْصِيفِها كالأُنُوثةِ. وأمَّا حَدِيثُ عُبادةَ، فلم يَذْكُرْه أصحابُ (١٣) السُّنَنِ، والظاهرُ أنَّه ليس

(٥) لم نجده، وقد أخرج الدارقطني عن ابن عمر لفظ: دية ذمى دية مسلم. مرفوعا، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٤٥. كما أخرج هذا اللفظ عن ابن عمر أيضًا البيهقي، في: باب دية أهل الذمة، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ١٠٢.
وانظر الدارقطني ٣/ ١٤٩، والبيهقي ٨/ ١٠٣؛ وعبد الرزاق ١٠/ ٩٧، وابن أبي شيبة ٩/ ٢٨٦. حيث أخرجوا جميعا لفظ المصنف موقوفا على ابن مسعود.
(٦) سورة النساء ٩٢.
(٧) أورده الهيثمي عن ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط. مجمع الزوائد ٦/ ٢٩٩.
(٨) في م: "الكتابي".
(٩) في م: "المسلم".
(١٠) في: المسند ٢/ ١٨٣، ٢٢٤.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الدية كم هي، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٩١. والنسائي، في: باب كم دية الكافر، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٤٠. وابن ماجه، في: باب دية الكافر، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨٣.
(١١) أخرجه أبو داود، في: باب في دية الذمى، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٥٠٠.
(١٢) في معالم السنن ٤/ ٣٧.
(١٣) في م: "أهل".