حَقَّه، وَبرِىءَ إليه منه بالقضاءِ. وقال القاضِى: يَحْنَثُ؛ لأَنَّ يَمِينَه على نَفْسِ الحَقِّ، وهذا بَدَلُه. وإِنْ كانتْ يَمِينُه: لا فارَقْتُكَ حتى تَبْرَأَ من حَقِّى، أو: ولِى (١٤) قِبَلَك حَقٌّ. لم يَحْنَثْ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّه لم يَبْقَ له قِبَلَه حَقٌّ. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. والأَوّلُ أصَحُّ؛ لأَنَّه قد اسْتَوْفَى حَقَّه. العاشِرَةُ، وكَّلَ وكيلًا يَسْتَوْفِى له حَقَّه، فإن فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ الوَكَيلِ، حَنِثَ؛ لأنَّه فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ حَقِّه. وإِنْ اسْتَوْفَى الوَكيلُ، ثم فارَقَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ اسْتِيفاءَ وكيلِه اسْتِيفاءٌ له، يَبْرَأُ بِه غَرِيمُه، ويصِيرُ فى ضَمانِ المُوَكِّلِ.
فصل: فأَمَّا إِنْ قال: لا فارَقْتَنِى حتى أسْتَوْفِىَ حَقِّى منكَ. نَظَرْتَ؛ فإنْ فارَقَه المحلوفُ عليه مُخْتارًا، حَنِثَ. وإِنْ أكْرِهَ على فِراقِه، لم يَحْنَثْ. وإِنْ فارَقَه الحالِفُ مُختارًا، حَنِثَ، إِلَّا على ما ذَكَرَه القاضِى فى تَأْويلِ كلامِ الْخِرَقِىِّ، وهو مذهبُ الشافِعِىِّ، وسائِرُ الفروعِ تَأْتِى ههُنا على نَحْوٍ ممَّا (١٥) ذَكَرْناهُ.
فصل: وإِنْ كانَتْ يَمِينُه: لا افْتَرَقْنا. فهَرَبَ منه المحلوفُ عليه، حَنِثَ؛ لأنَّ يَمِينَه تَقْتَضِى ألَّا تحْصُلَ بينهما فُرْقَةٌ بوَجْهٍ، وقد حصَلَت الفُرْقَةُ بهَرَبِه. وإِنْ أُكْرِها على الفُرْقَةِ، لم يَحْنَثْ، إِلَّا على قولِ مَنْ لم يَرَ الإِكْراهَ عُذْرًا.
فصل: فإنْ حَلَفَ: لا فارَقْتُكَ حتى أُوَفِّيَكَ حَقَّكَ (١٦). فأَبْرَأَه الغَرِيمُ منه، فهل يَحْنَث؟ على وَجْهَيْن؛ بِناءً على المُكْرَهِ. وإِنْ كان الحَقُّ عَيْنًا، فوَهَبَها له الغَرِيمُ، فقَبِلَها، حَنِثَ؛ لأنَّه تَرَكَ إيفَاءَها له باخْتِيارِه. وإِنْ قَبَضَها منه، ثم وَهَبَها إيَّاه، لم يَحْنَثْ. وإِنْ كانَتْ يَمِينُه: لا أُفارِقُكَ (١٧) ولَكَ قِبَلِى حَقٌّ. لم يَحْنَثْ إذا أَبْرَأَهُ، أو وَهَبَ العَيْنَ له.
فصل: والفُرْقَةُ فى هذا كُلِّه، ما عَدَّه الناسُ فِراقًا فى العادَةِ، وقد ذَكَرْنا الفُرْقَةَ فى البَيْعِ (١٨)، وما نَواهُ بيَمِينِه ممَّا يحْتَمِلُه لَفْظُه، فهو على ما نَواه. واللَّهُ أعْلَمُ.
(١٤) فى م: "لى".
(١٥) فى م: "ما".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) فى م: "فارقتك".
(١٨) تقدم فى: ٦/ ١٠ وما بعدها.