فَصْلٌ مُصَنَّفَاتٌ فِي مِيَاهِ دِمَشْقَ وَإِجْرَائِهَا وَحُكْمِ أَنْهَارِهَافَصْلٌ) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُصَنَّفَاتٌ فِي مِيَاهِ دِمَشْقَ وَإِجْرَائِهَا وَحُكْمِ أَنْهَارِهَا هَذَا أَحَدُهَا: قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِنْ خَطِّهِ نَقْلُ الْكَلَامِ فِي أَنْهَارِ دِمَشْقَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي مَسَائِلَ:
أَحَدُهَا: أَرْضُ النَّهْرِ وَهِيَ الْقَرَارُ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ.
الثَّانِيَةُ: الْمَاءُ الَّذِي يَمُرُّ فِيهِ.
الثَّالِثَةُ: حَافَّاتُهُ.
الرَّابِعَةُ: الْمَجَارِي الْخَارِجَةُ مِنْهُ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا.
الْخَامِسَةُ: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فِي الْمَجَارِي الْمَبْنِيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهَا إلَى الْبَلَدِ.
السَّادِسَةُ: بَعْدَ دُخُولِهَا إلَى الْبَلَدِ وَقَبْلَ وُصُولِهَا إلَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ.
السَّابِعَةُ: بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى مِلْكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَجَرَيَانِهَا فِيهِ.
الثَّامِنَةُ: بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ.
التَّاسِعَةُ: الْأَمَاكِنُ الَّتِي يُشْرِبُ مِنْهَا مَا يُحْدَثُ بَيْنَ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ وَأَعْلَى مِنْهَا وَأَسْفَلَ مِنْهَا.
الْعَاشِرَةُ فِي مُنْتَهَاهَا الَّتِي تَنْتَهِي إلَيْهَا تِلْكَ الْمِيَاهُ.
(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَرْضُ النَّهْرِ، وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: إنَّ النَّهْرَ إنْ كَانَ عَظِيمًا كَالدِّجْلَةِ وَكَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ فَهُوَ مُبَاحٌ لَا مِلْكَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَهَكَذَا سَيْحُونُ وَجَيْحُونُ وَمِيَاهُ الْأَوْدِيَةِ وَالْمَوَاتِ وَالْعُيُونُ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الَّتِي لَا صَنِيعَ لِلْآدَمِيِّينَ فِي إبْطَالِهَا وَإِجْرَائِهَا كُلُّ ذَلِكَ لَا مِلْكَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَلَا فِي مَقَرِّهِ وَمَجْرَاهُ، فَإِنْ حَضَرَ إلَيْهِ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا شَاءَ إنْ قَلَّ الْمَاءُ أَوْ ضَاقَ الْمَشْرَعُ قُدِّمَ السَّابِقُ، فَإِنْ جَاءَ اثْنَانِ مَعًا أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدٌ السَّقْيَ وَهُنَاكَ مُحْتَاجٌ إلَى الشُّرْبِ فَالشُّرْبُ أَوْلَى وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ جَعَلَهُ فِي حَوْضٍ مَلَكَهُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ انْفَرَدَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ بِنَقْلِهِ، وَإِنْ دَخَلَ شَيْءٌ مِنْهُ مِلْكَ إنْسَانٍ بِسَبِيلٍ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مَا دَامَ فِيهِ لِامْتِنَاعِ دُخُولِهِ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ فَعَلَ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ لِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ أَخَذَهُ مَنْ شَاءَ، وَإِذَا أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا يَكْفِي الْجَمِيعَ سَقَى مَنْ شَاءَ مَتَى شَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي مِنْ النَّهْرِ الْعَظِيمِ فِي سَاقِيَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ بِأَنْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا سَقَى الْأَوَّلُ أَرْضَهُ ثُمَّ يُرْسِلُهُ إلَى الثَّانِي ثُمَّ الثَّانِي إلَى الثَّالِثِ وَكَمْ يَحْبِسُ الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ؟
وَجْهَانِ: الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ فِي قَدْرِ السَّقْيِ إلَى الْعَادَةِ وَالْحَاجَةِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَيْسَ التَّقْدِيرُ بِالْكَعْبَيْنِ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِالْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ وَبِاخْتِلَافِ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَبِوَقْتِ الزِّرَاعَةِ وَبِوَقْتِ السَّقْيِ، وَحُكِيَ وَجْهٌ عَنْ الدَّارَكِيِّ أَنَّ الْأَعْلَى لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ لَكِنْ يَسْقُونَ بِالْحِصَصِ وَهَذَا غَرِيبٌ بَاطِلٌ وَهُوَ