فصلوَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دَعْوَة أخي ذِي النُّون لَا إِلَه رلا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين مَا دَعَا بهَا مكروب رلا فرج الله تَعَالَى كربته
اعْلَم أَن لفظ الدُّعَاء والدعوة يتَنَاوَل معنين دُعَاء الْعِبَادَة ودعاد الْمَسْأَلَة وكل عَابِد سَائل وكل سَائل عَابِد فأحد الاسمين يتَنَاوَل الآخر عِنْد تجرده عَنهُ وَإِذا جمع بَينهمَا فَإِنَّهُ يُرَاد بالسائل الَّذِي يطْلب جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة بصيغ السُّؤَال والطلب وَيُرَاد بالعابد من يطْلب ذَلِك بامتثال الْأَمر وَإِن لم يكن هُنَاكَ صِيغَة سُؤال وَلَا طلب
وَلَا يتَصَوَّر زن يَخْلُو دَاع لله دُعَاء عبَادَة أَو دُعَاء مَسْأَلَة من الرغب والرهب وَالْخَوْف والطمع
وَمَا يذكر عَن بعض الشُّيُوخ أَنه جعل الْخَوْف والرجاء من مقامات الْعَامَّة فَهَذَا قد يُفَسر مُرَاده بِأَن المقربين يُرِيدُونَ وَجه الله فيقصدون التَّلَذُّذ بِالنّظرِ إِلَيْهِ وَإِن لم يكن هُنَاكَ مَخْلُوق يتلذذ بِهِ سُبْحَانَهُ
وَهَؤُلَاء يرجون حُصُول هَذَا الْمَطْلُوب وَيَخَافُونَ حرمانه أَيْضا فَلم يخلوا عَن الْخَوْف والرجاء لككن مرجوهم ومخوفهم بِحَسب مطلوبهم
وَمن قَالَ من هَؤُلَاءِ لم أعبدك خوفًا من نارك وَلَا شوقا إِلَى جنتك فَهُوَ يظنّ أَن الْجنَّة اسْم لما يتمتع بِهِ من الْمَخْلُوقَات وَأَن النَّار اسْم لما لَا عَذَاب فِيهِ سوى ألم الْمَخْلُوقَات
وَهَذَا قُصُور مِنْهُم عَن فهم مُسَمّى الْجنَّة وَمَا فيهم من النَّعيم بل كل مَا أعد الله لأولياذه فَهُوَ من الْجنَّة وَالنَّظَر إِلَيْهِ هُوَ من الْجنَّة وَلِهَذَا كَانَ أفضل الْخلق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل ربه الْجنَّة ويستعيذ بِهِ من النَّار