وَلَو قيل إِن للقبر تَأْثِير فِي ذَلِك سَوَاء كَانَ باتصال روح الدَّاعِي وروح الْمَيِّت فيقوى بذلك كَمَا يزعمه ابْن سينا وَأَبُو حَامِد الْغَزالِيّ وأمثالهما فِي زِيَارَة الْقُبُور أَو كَانَ بِسَبَب آخر فَيُقَال لَيْسَ كل سَبَب نَالَ الانسان حَاجته يكون مَشْرُوعا وَلَا مُبَاحا وَإِنَّمَا يكون مَشْرُوعا إِذا غلبت مصْلحَته على مفسدته مِمَّا أذن فِيهِ الشَّرْع
وَمن هَذَا الْبَاب تَحْرِيم السحر مَعَ مَاله من التَّأْثِير وَقَضَاء بعض الْحَاجَات وَمَا يدْخل فِي ذَلِك من عبَادَة الْكَوَاكِب ودعائها واستحضار الْجِنّ وَالْكهَانَة والاستسقام بالأزلام وأنواع السحريات مَعَ كَونهَا لَهَا نوع كشف وتأثير
وَفِي هَذَا تَنْبِيه على جملَة الْأَسْبَاب الَّتِي تقضي بهَا الْحَوَائِج
وَأما تَفْصِيل ذَلِك فَلهُ مَوضِع آخر
لكل الْعَاقِل يعلم أَن أمة من الْأُمَم لَا تَجْتَمِع على أَمر بِلَا سَبَب فلأجل ذَلِك اجْتمع نَاس بالسحرة وناس بالشرك وَعبادَة الْأَصْنَام والخليل يَقُول {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس} وَلم يقل أحد إِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ إِن الْأَصْنَام تخلق وتحيي وتجلب الرزق بل عبدوها لحاجتهم إِلَيْهَا من حسن قصد الْمُشْركين للقبور المعظمة وَقصد النَّصَارَى لصورة القديسين يتخذونهم شُفَعَاء ووسائط ووسائل
وَيَكْفِي الْمُسلم أَن يعلم أَن الله لم يحرم شَيْئا إِلَّا ومفسدته مَحْضَة أَو غالبة
فصلتعود الرّوح إِلَى الْمَيِّت وتفارقه وَهل يُسمى ذَلِك موتا فِيهِ قَولَانِ
والنفخ ثَلَاثَة
أَحدهَا الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى {ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض}
وَنفخ الصَّعق وَالْقِيَام الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ}