وَقَوله تَعَالَى {إِلَّا من شَاءَ الله} متناول لأهل الْجنَّة من الْحور وَغَيرهم مِمَّن يُعلمهُ الله تَعَالَى
فصلذهب طَائِفَة من الْمُتَأَخِّرين إِلَى جَوَاز إهداء الْأَعْمَال الصَّالِحَة من الصَّدَقَة وَالصَّلَاة وَالْقِرَاءَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأزواجه
وَفِي إهداء الْفَرِيضَة وَجْهَان
وَأما السّلف فَلم يَكُونُوا يَفْعَلُونَ شَيْئا من ذَلِك وهم أخلق بالاتباع وَحَدِيث أبي الَّذِي فِيهِ أجعَل صَلَاتي كلهَا عَلَيْك قَالَ إِذا يَكْفِيك الله همك وَيغْفر ذَنْبك
المُرَاد أَنه يَجْعَل لَهُ ربع دُعَائِهِ أَو نصفه أَو ثلثه إِلَى أَن قَالَ كلهَا أَي كل دعائي فَإِن الصَّلَاة فِي اللُّغَة الدُّعَاء وَلِهَذَا قَالَ لَهُ إِذن يَكْفِيك الله همك وَيغْفر ذَنْبك فَإِنَّهُ إِذا صلى عَلَيْهِ مرّة صلى الله بهَا عَلَيْهِ عشرا
وَمن دَعَا لِأَخِيهِ وكل الله بهَا ملكا يَقُول وَلَك بِمثلِهِ فَإِذا صلى عَلَيْهِ بدل دُعَائِهِ كَفاهُ الله همه وَحصل لَهُ مَقْصُود ذَلِك الدُّعَاء من كِفَايَة همه وغفران ذَنبه وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه فَكيف بِمن يَدْعُو للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدل نَفسه إِنَّه لحقيق أَن يحصل لَهُ أَكثر مِمَّا يَطْلُبهُ لنَفسِهِ
وَقد يتَوَهَّم متوهم من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ مرّة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا أَنه يحصل للْمُصَلِّي أَكثر مِمَّا يحصل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك بل لَهُ مثل أجر الْمصلى الَّذِي حصل لَهُ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي علمه وَسن لَهُ ذَلِك فَلهُ على ذَلِك مثل أجره