وَلَيْسَ للْأَب إِلَّا مَا يَدعُونَهُ بِهِ الْوَلَد لَهُ فَظهر معنى قَوْله تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} فَهُوَ الْأَب الروحاني وَالْوَالِد الْأَب الجثماني وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَب السَّعَادَة الأبدية لِلْمُؤمنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْأَب سَبَب لوُجُوده فِي الدُّنْيَا
وَمَعْلُوم أَن الْإِنْسَان يجب عَلَيْهِ أَن يُطِيع معلمه الَّذِي يَدعُوهُ إِلَى الْخَيْر ويأمره بِمَا أمره الله وَلَا يجوز لَهُ أَن يطبع أَبَاهُ فِي مُخَالفَة هَذَا الدَّاعِي لِأَنَّهُ يدله على مَا يَنْفَعهُ ويقربه إِلَى ربه وَيحصل لَهُ باتباعه السَّعَادَة الأبدية
فَظهر فضل الْأَب الروحاني على الْأَب الجثماني فَهَذَا أَبوهُ فِي الدّين وَذَلِكَ أَبوهُ فِي الطين وَأَيْنَ هَذَا من هَذَا
وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فِي الْحُرْمَة لَا فِي الحرمية ولهن من الاحترام مَا لَيْسَ للْأُم الوالدة
فصللِقَاء الله تَعَالَى قد فسره طَائِفَة من السّلف أَنه الْمُشَاهدَة والمعاينة
وَاسْتدلَّ بِهِ قوم على رُؤْيَة الله تَعَالَى وَقَوله تَعَالَى {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون} لِأَن الْإِنْسَان يُشَاهد بنسفه هَذِه الْأُمُور
وَقد قيل إِن الْمَوْت نَفسه يُشَاهد وَيرى ظَاهرا
وَقيل المرئي أَسبَابه
وَقد تنَازع النَّاس فِي الْكفَّار هَل يرَوْنَ رَبهم أول مرّة ثمَّ يحتجب عَنْهُم أم لَا يرونه بِحَال على قَوْلَيْنِ
وَالْأول أصح وَهُوَ قَول أهل الحَدِيث وَأكْثر الْفُقَهَاء
وَالثَّانِي قَول الْمُتَكَلِّمين