فصل فِي الرّوحروح الْإِنْسَان مخلوقة بِاتِّفَاق سلف الْأمة وأئمتها حكى الْإِجْمَاع على ذَلِك غير وَاحِد مثل مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي الإِمَام الَّذِي هُوَ أعلم أهل زَمَانه بِالْإِجْمَاع وَالِاخْتِلَاف وَأبي مُحَمَّد بن قُتَيْبَة
وَالَّذين قَالُوا إِنَّهَا لَيست مخلوقة هم الزَّنَادِقَة وَالنَّصَارَى فِي عِيسَى فَقَط والقائلون بقدمها صنفان
أَحدهمَا من الصابئة والفلاسفة فَإِنَّهُم يَقُولُونَ هِيَ قديمَة أزلية لَكِن لَيست من ذَات الله كَمَا يَقُولُونَ ذَلِك فِي الْعُقُول والنفوس الفلكية
وَزعم من دخل مَعَهم من أهل الْملَل أَنَّهَا هِيَ الْمَلَائِكَة
وصنف من زنادقة هَذِه الْأمة من المتصرفة والمتكلمة والمتحدثة يَزْعمُونَ أَنَّهَا من ذَات الله هَؤُلَاءِ شَرّ من أُولَئِكَ فَإِنَّهُم جعلُوا الآدمى نِصْفَيْنِ نصف لَا هوت وَهُوَ روحه وَنصف ناسوت وَهُوَ جسده نصف رب وَنصف عبد وَقد كفر الله النَّصَارَى بِنَحْوِ من هَذَا القَوْل الَّذِي قَالُوهُ فِي الْمَسِيح فَقَط فَكيف بِمن يزْعم ذَلِك لكل النَّاس حَتَّى فِي فِرْعَوْن وهامان وَقَارُون
وَالنَّاس فِي روح الأدمِيّ على طرفى نقيض فكثير من المتكلمة يَجْعَلهَا جَزَاء من هَذَا الْبدن أوصفة من صِفَاته وَهَذَا خطأ بل روح أَمر غير الْبدن وأبعاضة وَصِفَاته وَلِهَذَا تكون بَاقِيَة بعد مُفَارقَة الْبدن
وَكثير من المتفلسفة يبالغون فِي عدم تحيزها ووصفها بِالصِّفَاتِ السلبية حَتَّى يَقُولُونَ لَيست دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا متحركة وَلَا سَاكِنة وَلَا تخْتَص بمَكَان دون مَكَان كَمَا يَقُولُونَ فِي وَاجِب الْوُجُود
وَهَذَا القَوْل أَيْضا ضلال وباطل