وَمن ظهر مِنْهُ أَفعَال يُحِبهَا الله وَرَسُوله وججب أَن يُعَامل بِمَا يُوجِبهُ ذَلِك من الملاة والمحبة وَالْإِكْرَام وَمن ظهر مِنْهُ خلاف ذَلِك عومل مُقْتَضَاهُ
فصلفِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي قَالَ فِي آخِره عَن الله تَعَالَى {قد غفر لعبدي فليعمل مَا شَاءَ}
هَذَا الحَدِيث لم يَجعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاما فِي كل دنب من ككل من أذْنب وَتَابَ وَعَاد وَإِنَّمَا ذكره حِكَايَة حَال عَن عبد كَانَ مِنْهُ ذَلِك فَأفَاد أَن العَبْد قد يعْمل من الْحَسَنَات الْعَظِيمَة مَا يُوجب غفران مَا تَأَخّر من ذنُوبه وَإِن غفر لَهُ بِأَسْبَاب أخر
وَهَذَا مثل حَدِيث حَاطِب بن أبي بلتعة رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ لعمر وَمَا يدْريك أَن الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم وَمَا جَاءَ من أَن غُلَام حَاطِب شكاه فَقَالَ وَالله يَا رَسُول الله ليدخلن حَاطِب النَّار فَقَالَ كذبت إِنَّه قد شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة
فَفِي هَذِه الْأَحَادِيث بَيَان أَن الْمُؤمن قد يعْمل من الْحَسَنَات مَا يغْفر لَهُ بهَا مَا تَأَخّر من ذَنبه وَإِن غفر بِأَسْبَاب غَيرهَا وَيدل عَليّ أَنه يَمُوت مُؤمنا وَيكون من أهل الْجنَّة وَإِذا وَقع مِنْهُ ذَنْب يَتُوب الله عَلَيْهِ كَمَا تَابَ عَليّ بعض الْبَدْرِيِّينَ كقدامة بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ لما شرب الْخمر متأولا واستتابه عمر وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنهُ وجلدوه وطهر بِالْحَدِّ وَالتَّوْبَة وَإِن كَانَ مِمَّن قيل لَهُ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم
ومغفرة الله لعَبْدِهِ لاتنافى أَن تكون الْمَغْفِرَة بأسبابها وَلَا تمنع أَن تصدر مِنْهُ تَوْبَة إِذا مغْفرَة الله لعَبْدِهِ مقتضاها أَن لَا يعذبه بعد الْمَوْت وَهُوَ سُبْحَانَهُ يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَإِذا علم من العَبْد أَنه يَتُوب أَو يعْمل حَسَنَات ماحية