لَا يخْتَلف قَوْله أَنه من جمع الْحَج وَالْعمْرَة فِي سفرة وَاحِدَة وَلم يسق الْهدى أَن هَذَا التَّمَتُّع لَهُ أفضل بل هُوَ الْمَطْلُوب لأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بذلك فَأَما من سَاق الْهدى فَهَل الْقرَان لَهُ التَّمَتُّع
ذكرُوا عَنهُ رِوَايَتَيْنِ فَأَما من أفردهما فِي سفرتين أَو اعْتَمر قبل أشهر الْحَج وَأقَام إِلَى الْحَج فَهَذَا أفضل من التَّمَتُّع وَهُوَ قَول الْخُلَفَاء الرَّاشِدين رَضِي الله عَنْهُم وَقَول أَحْمد وَغَيره وَبَعض أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم
وَهل على المنتفع بعد طواف الْإِفَاضَة سعى غير السَّعْي الأول الَّذِي كَانَ عقيب طواف الْعمرَة فِيهِ قَولَانِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره وَمَالك وَإِن كَانَ يخْتَار الْإِفْرَاد لمن يعْتَمر عقيب الْحَج كالمحرم
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى وَلَا أحفظ قَول الشَّافِعِي فِيمَن يعْتَمر عقيب الْحَج وَإِن كَانَ من أَصْحَابه من يَجْعَل هَذَا هُوَ أفضل كَمَا يظنّ كثير من أَصْحَاب أَحْمد أَن الْمُتْعَة أفضل من الاعتمار قبل أشهر الْحَج فالغلط كثير
فصلالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن مَا اخْتَارَهُ الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْأَفْضَل وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو اسْتقْبلت من أمرى مَا اسْتَدْبَرت لم أسق الْهدى فَهُوَ حكم مُعَلّق على شَرط وَالتَّعْلِيق على شَرط بِعَدَمِ عَنهُ عَدمه فَمَا اسْتقْبل من مرّة مَا استدبر وَقد اخْتَار لَهُ ربه أَنه لم يسْتَقْبل من أمره مَا استدبر
وَلَكِن هَذَا يبين أَن الْمُوَافقَة إِذا كَانَت فِي تنويع الْأَعْمَال تفرق وَلَيْسَ هُوَ أولى من تنويعها وتنويعها هُوَ بِاخْتِيَار الْقَادِر للأفضل وَالْعَاجِز للمفضول كَمَا اخْتَار من قدر على سوق الْهدى الْأَفْضَل مِمَّن لم يقدر على سوقه مَعَ السَّلامَة
وَجُمْهُور الْعلمَاء على أَن طواف القادمين أفضل من الصَّلَاة لتحية الْمَسْجِد فان تَحِيَّة الْمَسْجِد الْحَرَام هُوَ الطّواف مَعَ فضيلتها أَيْضا وَكَذَلِكَ الطّواف للقادم أفضل