وَطَائِفَة غلت فَجعلت طريقهم أفضل الطّرق
وَالصَّوَاب أَنهم يجتهدون فِي طَاعَة الله فَمنهمْ من المذنب والتقى وَقد صَارَت الصُّوفِيَّة ثَلَاث طَبَقَات صوفية الْحَقَائِق وصوفية الأرزاق وصوفية الرسوم
فَأَما صوفية الْحَقَائِق فهم الَّذين وصفناهم وَأما صوفية الأرزاق فهم الَّذين وقفت عَلَيْهِم الخوانق وَالْوُقُوف فَلَا يشْتَرط فِي هَؤُلَاءِ أَن يَكُونُوا من أهل الْحَقَائِق وَأما صوفية الرسوم فهم المقصودون المقتصرون على التَّشَبُّه بهم فِي اللبَاس والآداب الوضعية فهم بِمَنْزِلَة الَّذِي يقْتَصر على زِيّ أهل الْعلم
وَأما أسم الْفُقَرَاء فَهُوَ فِي الْقُرْآن وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فُقَرَاء أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِنصْف يَوْم والفقراء أَنْوَاع
وَقد تنَازع النَّاس أَيّمَا أفضل الْفَقِير الصابر أَو الْغَنِيّ الشاكر وَالصَّحِيح أَن أفضلهما أتقاهما فَإِن اسْتَويَا فِي التَّقْوَى اسْتَويَا فِي الدرجَة فَإِن الْفُقَرَاء يسبقون الْأَغْنِيَاء إِلَى الْجنَّة لخفة الْحساب ثمَّ إِذا دخل الْأَغْنِيَاء الْجنَّة فَكل وَاحِد يكون فِي مَنْزِلَته على قدر حَسَنَاته وأعماله
فصلالْقَدَرِيَّة من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم من الَّذين لَا يقرونَ بِأَن الله خَالف كل شَيْء وَلَا أَنه مَا شَاءَ الله وَمَا لم يَشَأْ لم يكن فَإِذا أطلق عَلَيْهِم أَنهم خارجون عَن التَّوْحِيد بِمَعْنى أَنهم كذبُوا بِالْقدرِ فَهَذَا فِيهِ نزاع حَتَّى فِي مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَمَسْأَلَة التَّكْفِير بإنكار بعض الصِّفَات أَو إثْبَاته فقد كثر فِيهَا الِاضْطِرَاب
وَتَحْقِيق الْأَمر فِيهَا أَن الشَّخْص الْمعِين الَّذِي ثَبت إيمَانه لَا يحكم بِكُفْرِهِ إِن لم تقم عَلَيْهِ حجَّة يكفر بمخالفتها وَإِن كَانَ القَوْل كفرا فِي نفس الْأَمر بِحَيْثُ يكفر بجحوده إِذا علم أَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه