وَكَانَ الْحَالِفُ عَهِدَ شَاشَ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ، فَهَلْ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْإِشَارَةِ عَلَى الظَّنِّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ وَرَجُلٌ أَكْرَهَ زَيْدًا عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي مَجْلِسِهِ بِطَلْقَةٍ، فَلَمْ يُوقِعْهَا فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ فِي التَّرْسِيمِ وَخَلَعَ زَوْجَتَهُ بِطَلْقَةٍ عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ، فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ إِكْرَاهًا وَلَا يَحْنَثُ؟ أَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِصَرِيحِ الْخُلْعِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ؟ وَمَا هُوَ الْأَجْوَدُ هَلِ الْأَفْضَلُ دِينًا أَوِ النَّسَبُ أَوِ الْأَكْرَمُ؟
الْجَوَابُ: الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ: تَارَةً يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الْحَالِفَ أَجْوَدُ؛ أَيْ: أَدْيَنُ مِنَ الْآخَرِ، فَلَا حِنْثَ. وَتَارَةً يَعْرِفُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَدْيَنُ مِنْهُ، فَيَحْنَثُ. وَتَارَةً لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِمَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي الدِّينِ أَوِ الْجِنْسِ، وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَمْيَزُ، فَلَا حِنْثَ؛ لِلشَّكِّ.
وَمَسْأَلَةُ الشَّاشِ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ عِنْدِي، وَلِي فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفٌ، وَمَسْأَلَةُ الْخَالِعِ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ اشْتَرَى خِرْقَةَ جُوخٍ، فَقَطْعَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا يَلْبَسُهَا إِلَّا أَنَا؛ أَيِ: الْخِرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَا نِيَّةَ لِلْحَالِفِ أَصْلًا، ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُفَصِّلَ الْخِرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيَخِيطَهَا، فَلَمَّا فُصِّلَتْ وَخِيطَتْ جِيءَ بِهَا وَعَلَّقَ فِيهَا مَا خَرَجَ مِنْهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِهِ عِنْدَ الْخَيَّاطِ مِنْ قُوَارَةٍ وَمَا يُقْطَعُ مِنَ الذَّيْلِ وَغَيْرِهِ لِلْإِصْلَاحِ، وَلَبِسَهَا الْبَائِعُ ثُمَّ نَزَعَهَا وَقَلَعَ مِنْهَا مَا عَلَّقَهُ فِيهَا مِنَ الْقُوَارَةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا لِلْمُشْتَرِي، فَلَبِسَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ، فَهَلِ الْيَمِينُ تَعَلَّقَتْ بِحَمْلِهِ هَذِهِ الْخِرْقَةَ حَتَّى لَا يَحْنَثَ الْحَالِفُ بِلُبْسِ غَيْرِهِ لَهَا بَعْدَ إِزَالَةِ مَا ذُكِرَ، أَوْ يُحْمَلُ الْيَمِينُ عَلَى خِلَافِ الْقُوَارَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ؟ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ فُتَاتِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ: إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، فَخَيَّطَهُ قَمِيصًا أَوْ قِبَاءً أَوْ جُبَّةً أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ جَعَلَ الْخُفَّ نَعْلًا، حَنِثَ بِالْمُتَّخَذِ مِنْهُ، حَتَّى يَحْنَثَ الْبَائِعُ بِلُبْسِهَا بَعْدَ إِزَالَةِ مَا ذُكِرَ؟
الْجَوَابُ: يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صِيغَةِ الْحَصْرِ، حَيْثُ حَلَفَ لَا يَلْبَسُهَا إِلَّا هُوَ، وَلَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الْحِنْثِ إِزَالَةُ مَا ذَهَبَ بِالتَّفْصِيلِ مِنْ قُوَارَةٍ وَقُصَاصَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ فِي حَالِ التَّفْصِيلِ؛ لِيَحْصُلَ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهَا، وَهَذَا مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا وَقْفَةَ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرَّغِيفَ، فَأَكَلَهُ إِلَّا لُقْمَةً، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ: إِحْدَى زَوْجَاتِي طَالِقٌ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ، يَقَعُ عَلَيْهِ بِكُلِّ