فَصْلٌ: وَمِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ إِلَّا تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، وَالْعِبَادَةَ، وَلُزُومَ الْخَلْوَةِ وَقِرَاءَةَ الرِّسَالَةِ وَالشِّهَابِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ عِنْدَ الْجُهَّالِ يَأْكُلُ مَعَهُمْ وَيَشْرَبُ وَيَكُونُ إِمَامَهُمْ.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقْتُلُونَ بَعْضًا بِمَسٍّ أَوْ مُقَارَبَةٍ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُمْرِضُونَهُمْ، وَإِنْ أَعْطَوْهُمْ مَا أَرَادُوا دَاوَوْهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْجَرَبَ وَالْجُذَامَ وَالْبَرَصَ وَالزُّكَامَ وَسَائِرَ الْأَمْرَاضِ تُعْدِي، وَإِذَا نُكِحَتِ امْرَأَةٌ وَمَاتَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَزْوَاجِ تَشَاءَمُوا بِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّارُ وَالْخَيْلُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ بَعْضَ الطُّيُورِ أَوِ السِّبَاعِ أَنْحَسُ مِنْ بَعْضٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا رَمَيْتَهُ بِمُشْطٍ يَقُولُ لَكَ: لَا، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِطَلَاقٍ، وَيَقُولُونَ فِي الْأَيَّامِ: بَعْضُهَا مَنْحُوسٌ وَبَعْضُهَا مَسْعُودٌ، وَيَذُمُّونَ الْحِجَامَةَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَشُرْبَ الدَّوَاءِ وَمَشْيَ الْمُسَافِرِينَ وَالنِّكَاحَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْبِلَادِ وَالْمِيَاهِ وَالْمَرَاعِي يَزْعُمُونَ أَنَّ بَعْضَهَا أَعْكَسُ مِنْ بَعْضٍ.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَارِفٌ إِذَا كَرِهَتِ الْبَهِيمَةُ أَوْلَادَهَا، وَيَعْرِفُ أَسْبَابَ ذَلِكَ وَيَقُولُ لِلنَّاسِ: تَعَالَوْا عِنْدِي كُلُّكُمْ، فَيَأْتُونَهُ فَيَكِيلُ بِذِرَاعِهِ أَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا مَسَحَ بِيَدَيْهِ أَرْجُلَهُمْ وَيَعْزِمُ بِشَيْءٍ فِي نَفْسِهِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ قِرَاءَةٌ، ثُمَّ يَكِيلُهُمْ ثَانِيَةً فَيَزِيدُ الْأَمْرُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَنْقُصُ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ، فَيَأْخُذُونَ مِنْ أَشْعَارِ رَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ فَيُبَخِّرُونَهُ عَلَى تِلْكَ الْبَهِيمَةِ فَيُوَافِقُ مَرَّةً، وَمَرَّةً لَا.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ إِذَا سُرِقَ مَالُهُ وَأَخَذَ الْمُتَّهَمِينَ فَيُوقِدُ نَارًا، وَيُقَيِّدُ الْمُتَّهَمِينَ بِشَيْءٍ قَصِيرٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْمَشْيِ عَلَيْهَا فَيَمُرُّونَ عَلَيْهَا، فَالَّذِي يَسْرِقُ تَارَةً تَحْرِقُهُ، وَالَّذِي لَمْ يَسْرِقْ لَا تَحْرِقُهُ وَلَا تَمَسُّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ الْمُتَّهَمَ وَيَأْخُذُ الْمِرْآةَ وَيُعَلِّقُهَا عَلَى خَيْطٍ، وَيَأْخُذُ الْخَيْطَ وَيُدْلِي الْمِرْآةَ وَيَجْعَلُ خَطَّيْنِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُ الرَّمَادَ عَلَى خَطٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَيَتْرُكُ الْآخَرَ وَيُدْلِيهَا عَلَى وَسَطِ الْخَطَّيْنِ، وَيَقْرَءُونَ سُورَةَ يس عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ تَحَرَّكَتِ الْمِرْآةُ وَجَرَتْ عَلَى طَرِيقِ الرَّمَادِ ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا.
فَصْلٌ: مِنْهُمْ مَنْ يُقْرِئُ الصِّبْيَانَ فَإِذَا خَتَمَ وَاحِدٌ أَوْ بَلَغَ النِّصْفَ أَوِ الثُّلُثَ حَمَلُوهُ عَلَى دَرَقَةٍ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ أَوْ عَلَى فَرَسٍ أَوْ جَمَلٍ وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ، وَيَطُوفُونَ بِهِ الْبَلَدَ كُلَّهُ يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ آيَاتِ الرَّجَاءِ وَمَدَائِحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيهِمُ النَّاسُ طَعَامًا وَشَرَابًا وَغَنَمًا وَثِيَابًا فَيَتْرُكُونَهُ لِلْفَقِيهِ.