بْنِ الْعَاصِ قَالَ: تَهْلِكُ مِصْرُ إِذَا رُمِيَتْ بِالْقِسِيِّ الْأَرْبَعِ: قَوْسِ التُّرْكِ، وَقَوْسِ الرُّومِ، وَقَوْسِ الْحَبَشِ، وَقَوْسِ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ، قُلْتُ: وُجِدَ الْأَوَّلُ، وَسَيُوجَدُ الْبَاقُونَ.
وَأَخْرَجَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وابن عبد الحكم فِي فُتُوحِ مِصْرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ: لَيَأْتِيَنَّكُمْ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ فَيُقَاتِلُونَكُمْ بِوَسِيمٍ، حَتَّى تَرْكُضَ الْخَيْلُ فِي الدَّمِ، ثُمَّ يَهْزِمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ تَأْتِيكُمُ الْحَبَشَةُ فِي الْعَامِ الثَّانِي. وَأَخْرَجَ نعيم عَنْ أبي قبيل قَالَ: خَرَجَ يَوْمًا وَرْدَانُ مِنْ عِنْدِ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى مِصْرَ، فَمَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُسْتَعْجِلًا، فَنَادَاهُ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أَرْسَلَنِي الْأَمِيرُ إِلَى مَنْفٍ ; فَأَحْفِرُ لَهُ كَنْزَ فِرْعَوْنَ، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَيْهِ وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: إِنَّ كَنْزَ فِرْعَوْنَ لَيْسَ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ ; إِنَّمَا هُوَ لِلْحَبَشَةِ يَأْتُونَ فِي سُفُنِهِمْ يُرِيدُونَ الْفُسْطَاطَ، فَيَسِيرُونَ حَتَّى يَنْزِلُوا مَنْفًا، فَيُظْهِرُ لَهُمُ اللَّهُ كَنْزَ فِرْعَوْنَ، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ مَا يَشَاءُونَ، فَيَقُولُونَ: مَا نَبْغِي غَنِيمَةً أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ فَيَرْجِعُونَ، وَيَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يُدْرِكُوهُمْ فَيَهْزِمُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَبَشَةَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَيَأْسِرُونَهُمْ.
وَأَخْرَجَ نعيم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: يُقَاتِلُكُمْ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ بِوَسِيمٍ، فَيَأْتِيكُمْ مَدَدُكُمْ مِنَ الشَّامِ، فَيَهْزِمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ يَأْتِيكُمُ الْحَبَشَةُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ فَتُقَاتِلُونَهُمْ أَنْتُمْ وَأَهْلُ الشَّامِ، فَيَهْزِمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
كَشْفُ الرَّيْبِ عَنِ الْجَيْبِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
مَسْأَلَةٌ: سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ جَيْبِ قَمِيصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ كَانَ عَلَى صَدْرِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الْآنَ فِي مِصْرَ وَغَيْرِهَا؟ أَوْ عَلَى كَتِفِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمَغَارِبَةُ، وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ مِصْرَ فَتْحَةٌ حَيْدَرِيَّةٌ، وَذَكَرَ أَنَّ قَائِلًا قَالَ: إِنَّ هَذَا الثَّانِيَ هُوَ السُّنَّةُ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ شِعَارُ الْيَهُودِ؟ .
الْجَوَابُ: لَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ شِعَارُ الْيَهُودِ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفِي سُنَنِ أبي داود: (بَابٌ فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ) ثُمَّ أَخْرَجَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: " «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَبَايَعْنَاهُ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ» "، وَفِي رِوَايَةِ الْبَغَوِيِّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ لَمُطْلِقُ الْأَزْرَارِ