ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْتُ فَائِدَةً:
لَقَدْ رَمَزَ الْأَشْيَاخُ سِرًّا مُكَتَّمًا
... عَنِ الْقَافِ لَمْ يُبْدُوا لَهَا أَبَدًا حَلَّا
يَقُولُونَ عِنْدَ الْقَافِ قِفْ لِتَرَى الَّذِي
... أَرَدْنَاهُ لَا تَبْغِي بِهِ بَدَلًا أَصْلَا
وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ عبد السلام البغدادي فَأَجَابَ:
يُرِيدُونَ قَافَ الرِّقِّ يَا ذَا النُّهَى فَكُنْ
... بِمَقْصُودِهِمْ كَيْ تُدْرِكَ الْعِلْمَ وَالْفَضْلَا
فَفِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ هُمْ يَزْعُمُونَ مَنْ
... دَرَى نَفْسَهُ فَهُوَ الَّذِي عَرَفَ الْمَوْلَى
دَارِهَا بِرِقٍّ وَانْكِسَارٍ وَذِلَّةٍ
... وَخَالِقُهُ رَبٌّ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى
وَقَدْ جَاءَ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ دَلِيلُهُمْ
... هِيَ الْمُبْتَغَى مِنْ خَلْقِهِ حَقِّقَ النَّقْلَا
بِآخِرِ آيِ الذَّارِيَاتِ تَرَاهُمُ
... بِتَأْوِيلِهِمْ كَيْ يَعْرِفُوا حَبَّذَا وَصْلًا
ثَلَاثُمِائَةِ عِلْمٍ لِمَنْ شَاءَ فَهْمَهَا
... مِنَ الرَّاءِ وَالْقَافِ اجْعَلْنَ ذَلِكَ الْأَصْلَا
مَنَازِلُ سَيْرِ السَّالِكِينَ تَعُدُّهَا
... بِأَقْسَامٍ عَشْرٍ فَاجْعَلْنَ مِائَةً عَدْلَا
فَأَوَّلُهَا بَابُ الْإِنَابَةِ يَا فَتَى
... وَآخِرُهَا التَّوْحِيدُ وَالْمَطْلَبُ الْأَعْلَى
ثَلَاثُ عُلُومٍ مِنْ طِبَاقٍ أَتَى بِهَا
... هُوَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ جَادَ بِهَا نَقْلَا
عَوَامُّ خَوَاصٍّ ثُمَّ خَاصُّ خَوَاصِّهَا
... فَكُنْ أَوْحَدِيًّا عَارِفًا رَاتِعًا فَحْلَا
فَهَذَا جَوَابٌ مِنْ فَقِيرٍ مُحَصِّلٍ
... وَطَالِبِ فَهْمٍ أُلْهِمَ الرَّمْزَ وَالْحَلَّا
وَمُوَلَّهِ دَارِ السَّلَامِ وَاسْمُهُ
... عُبَيْدُ السَّلَامِ مُصَلَّاكُمْ نَازِلًا حَلَّا
إِلَى الْعَالِمِ النِّحْرِيرِ نُعْمَانَ يَنْتَمِي
... إِمَامِ الْهُدَى وَالْفِقْهِ كَمْ مُشْكِلٍ حَلَّا
وَأَجَابَ سَيِّدِي محمد بن سلطان العزي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِ:
أَيَا سَائِلًا عَنْ سِرِّ رَمْزٍ مُكَتَّمٍ
... تَوَقَّفْ فَذَا قَافٌ غَدًا فَاؤُهُ أَصْلَا
يُشِيرُ بِمَحْمُولٍ لِعَيْنٍ وَحَاؤُهُ
... بِمُوجِعِ مَبْسُوطٍ لَهُ مَوْرِدًا أَصْلَا
وَكُبْرَاهُ قَدْ أَبْدَى نَتِيجَةَ دَالِهِ
... وَصُغْرَاءُ مَحْذُورٌ لَقَدْ حَقَّقَ الْوَصْلَا
هَيُولَاؤُهُ وَافَى بِشَكْلٍ مُثَمَّنٍ
... وَتَسْدِيسُ ذَاكَ الشَّكْلِ جَهْرًا لَقَدْ أَمْلَى
وَآخِرُهُ جِيمٌ فَرَاءٌ بِأَوْجِهَا
... حَضِيضٌ لِصَادٍ سِينُهُ حَرِّرِ النَّقْلَا
فَهَذَا جَوَابٌ مِنْ فَقِيرٍ جُوَيْهِلٍ
... مُسِيءٍ جَرِيءٍ أَكْثَرَ النَّوْمَ وَالْأَكْلَا
دُعِيَ بِابْنِ سُلْطَانٍ مُحَمَّدٍ فِي الْوَرَى
... وَخَادِمِ فَتَى كَيْلَانَ ذِي النَّسَبِ الْأَعْلَى