الْجَوَابُ: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظُ " ثَلَاثٌ "، وَأَمَّا إِعْرَابُهُ فَ " حُبِّبَ " فِعْلٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَالظَّرْفَانِ بَعْدَهُ مُتَعَلِّقَانِ بِهِ. وَ " الطِّيبُ " مَرْفُوعٌ بِهِ نَائِبًا عَنِ الْفَاعِلِ. وَ " النِّسَاءُ " مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ فَلَفْظُ: «وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» ، فَ " قُرَّةُ " مَفْعُولُ جُعِلَ الْأَوَّلُ، أُقِيمَ مَقَامَ فَاعِلِهِ لَمَّا بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَفْعُولُهُ الثَّانِي. وَمَنْ زَادَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظَةَ " ثَلَاثٌ " فَقَدَ وَهِمُوهُ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، فَالْمَخْصُوصُ بِحُبِّهِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا اثْنَانِ، النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَهُمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ دِينٌ لَا دُنْيَا ; وَلِهَذَا قَالَ: مِنْ دُنْيَاكُمْ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دُنْيَايَ وَلَا مِنَ الدُّنْيَا، فَأَشَارَ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ دُنْيَا النَّاسِ ; لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَهُمَا لِلِاسْتِلْذَاذِ وَحُظُوظِ النَّفْسِ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ لِيَنْقُلْنَ عَنْهُ مَحَاسِنَهُ، وَمُعْجِزَاتِهِ الْبَاطِنَةَ، وَأَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا، وَلِلْقِيَامِ بِأَوْدِهِنَّ، وَلِيَتَشَرَّفَ أَصْحَابُهُ بِمُصَاهَرَتِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ الدِّينِيَّةِ، وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الطِّيبُ لِمُلَاقَاتِهِ الْمَلَائِكَةَ، وَهُمْ يُحِبُّونَهُ وَيَكْرَهُونَ الرِّيحَ الْخَبِيثَةَ ; وَلِهَذَا امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الثَّوْمِ وَنَحْوِهِ لِأَجْلِ أَنَّ جِبْرِيلَ يَأْتِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ، وَلَكِنْ يَجِدُونَ الرِّيحَ.
مَسْأَلَةٌ: «قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَارِيَةِ الَّتِي دَعَتْهُ لِحَاجَتِهَا: اجْلِسِي فِي أَيِّ سِكَكِ الْمَدِينَةِ شِئْتِ أَجْلِسْ إِلَيْكِ» . هَلْ " أَجْلِسْ " بِالْجَزْمِ أَمْ بِالرَّفْعِ أَمْ بِالْوَجْهَيْنِ؟
الْجَوَابُ: الْمَعْرُوفُ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ الْجَزْمُ، وَبِهِ وَرَدَ الْقُرْآنُ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} إبراهيم: 31 وَالْأَشْهَرُ فِي تَوْجِيهِهِ أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ.
مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الْخَزْرَجِيَّةِ:
إِذَا اسْتَكْمَلَ الْإِجْزَاءَ بَيْتٌ كَحَشْوِهِ
... عَرُوضٌ وَضَرْبٌ ثَمَّ أَوْ خُولِفَتْ وَفَا
عَلَامَ رُفِعَ قَوْلُهُ: عَرُوضٌ وَضَرْبٌ؟
الْجَوَابُ: " عَرُوضٌ " مُبْتَدَأٌ، وَ " ضَرْبٌ " عُطِفَ عَلَيْهِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ " وَهُوَ كَحَشْوِهِ " الْخَبَرُ، وَتَقْدِيمُهُ هُوَ الَّذِي سَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِالنَّكِرَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: كَالْحَشْوِ فِي الِاسْتِكْمَالِ الْعُرُوضُ وَالضَّرْبُ.