مَسْأَلَةٌ:
يَا عَالِمًا زَادَهُ رَبُّ الْعُلَا شَرَفًا
... عَلَى رِجَالٍ سَمَوْا بِالْفَضْلِ وَالْأَدَبِ
هَلْ رَسْمُ " أَرْجُو " وَأَشْبَاهٌ لَهَا كَتَبُوا
... بِالْوَاوِ مَعْ أَلِفٍ أَمْضَوْهُ فِي الْحِقَبِ
أَوْ وَاوُهَا آخِرًا فَاكْشِفْ لَنَا كُرُبًا
... لَا زِلْتَ تُنْجِدُنَا فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
الْجَوَابُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا دَائِمًا أَبَدًا
... ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى خَيْرِ الْهُدَى الْعَرَبِيِّ
مَا كَانَ فِعْلًا لِفَرْدٍ مَا بِهِ أَلِفٌ
... وَفِعْلُ جَمْعٍ بِهِ زِدْ هَذِهِ تُصِبِ
مَسْأَلَةٌ: خَطِيبٌ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: وَاللَّهِ لَتَشْرَبُنَّ كَأْسًا أَمَالَتِ الرُّءُوسَ، وَدُقَّتْ عُنُقًا. قَالَهَا بِضَمِّ الدَّالِ فَاعْتَرَضَهُ مُعْتَرِضٌ وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَ " عُنُقًا " مَفْعُولٌ.
الْجَوَابُ: الْخَطِيبُ مُصِيبٌ وَالْمُعْتَرِضُ مُخْطِئٌ، وَ " دُقَّتْ " بِضَمِّ الدَّالِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَ " عُنُقًا " تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ النَّائِبِ عَنِ الْفَاعِلِ، وَكَانَ الْأَصْلُ: أَمَالَتِ الرُّءُوسَ وَدَقَّتْ أَعْنَاقَهَا. فَلَمَّا حُوِّلَ أُسْنِدَ دُقَّتْ إِلَى ضَمِيرِ الرُّءُوسِ، وَانْتَصَبَ مَا بَعْدَهُ تَمْيِيزًا، فَأُفْرِدَ كَمَا هُوَ مِنْ قَوَاعِدِ التَّمْيِيزِ، وَيُوهِي كَوْنَهُ بِالْفَتْحِ، وَنَصْبَ " عُنُقًا " مَفْعُولًا الَّذِي جَنَحَ إِلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ كَوْنُ الْعُنُقِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ، وَالْكَأْسُ لَمْ تَدُقَّ عُنُقًا وَاحِدَةً، بَلْ دَقَّتْ أَعْنَاقًا كَثِيرَةً كَمَا أَمَالَتْ رُءُوسًا كَثِيرَةً، فَذِكْرُ الْعُنُقِ بِالْإِفْرَادِ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ فِي مُقَابَلَةِ الرُّءُوسِ الَّتِي هِيَ جَمْعٌ رَكِيكٌ.
مَسْأَلَةٌ: حَدِيثُ " «كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيْكُمْ» " لِمَ حُذِفَتِ النُّونُ مِنْ " تَكُونُوا " دُونَ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ؟
الْجَوَابُ: هَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ هَكَذَا بِلَا نُونٍ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِ، قَدْ خُرِّجَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحُدُهَا: أَنَّهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَحْذِفُ النُّونَ دُونَ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَبِيتُ أُسَرِّي وَتَبِيتِي تُدَلِّكِي
... وَجْهَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الزَّكِيِّ
وَخُرِّجَ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ مِنَ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا.» الثَّانِي: وَهُوَ رَأَيُ الْكُوفِيِّينَ، والمبرد أَنَّهُ مَنْصُوبٌ، أَوْرَدَهُ شَاهِدًا عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنَّ " كَمَا " تَنْصِبُ، وَعَدُّوهَا مِنْ نَوَاصِبِ الْمُضَارِعِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرَاتِ الرُّوَاةِ.