أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ سُئِلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ فِي حَقِّ وَالِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ كَافِرٌ، فَأَجَابَ بِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ مَلْعُونٌ ; لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} الأحزاب: 57 .
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ: التَّكْلِيفُ، وَالْحَدَثُ، وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُنَا: التَّكْلِيفُ - يَجْمَعُ ثَلَاثَ صِفَاتٍ: الْبُلُوغَ، وَالْعَقْلَ، وَالْإِسْلَامَ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّهَا بِضْعَةَ عَشَرَ شَرْطًا: الْمَاءُ الطَّهُورُ، وَالْعِلْمُ أَوِ الظَّنُّ بِطَهُورِيَّتِهِ، وَالْإِسْلَامُ، وَالتَّمْيِيزُ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي، وَفَقْدُ الْمَانِعِ، وَطَهَارَةُ الْعُضْوِ مِنْ نَجَاسَتِهِ، وَالْعِلْمُ بِكَيْفِيَّتِهِ، وَتَمْيِيزُ فَرَائِضِهِ مِنْ سُنَنِهِ، وَتَرْتِيبُهُ- عَلَى مَا جَنَحْتُ إِلَيْهِ فِي حَوَاشِي " الرَّوْضَةِ "، وَلَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ -وَالْأَصْحَابُ عَدُّوا التَّرْتِيبَ رُكْنًا لَا شَرْطًا، وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ بِشَرْطٍ، وَهُوَ النَّقَاءُ عَنِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَيَزِيدُ صَاحِبُ الضَّرُورَةِ بِسِتَّةِ شُرُوطٍ: دُخُولُ الْوَقْتِ، وَتَقْدِيمُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ، وَحَشْوُ الْمَنْفَذِ، وَإِيلَاؤُهُ الْوُضُوءَ، وَالْمُوَالَاةُ فِيهِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِيهِمَا.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ فِي إِطَالَةِ الْخُطْبَةِ: فَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ الْكَثِيرِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ نَفْلٍ قَلِيلَةٍ، وَصَلَاةَ النَّفْلِ الْكَثِيرَةِ أَفْضَلُ مِنْ تِلَاوَةٍ قَلِيلَةٍ، فَإِنِ اسْتَوَى الزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إِلَيْهِمَا كَنِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي أَحَدِ النَّوْعَيْنِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ قَالُوا: أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ الصَّلَاةُ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ النَّفْلِ أَفْضَلَ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فَفِي " كَشْفِ الْأَسْرَارِ ": إِنَّمَا عَبَّرَ بِالْقِيرَاطِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْمَقَادِيرِ الَّتِي يُوزَنُ بِهَا، وَإِنَّمَا قَالَ: أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ ; لِأَنَّهُ أَكْبَرُ جَبَلٍ عِنْدَهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ أَكْبَرُ جَبَلٍ فِي الدُّنْيَا ; لِأَنَّهُ يَبْلُغُ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَأُبْهِمَ الْقِيرَاطُ الْآخَرُ ; لِأَنَّ عَطَاءَ اللَّهِ وَاسِعٌ فَلَا يُحَدُّ. وَقِيلَ: لَيْسَ الْقِيرَاطُ مَنْسُوبًا إِلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا، بَلْ إِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَغْمِيضِهِ، وَتَقْبِيلِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَشَدِّ لِحْيَيْهِ بِعِصَابَةٍ، وَنَزْعِ ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا، وَوَضْعِهِ عَلَى سَرِيرِهِ، وَتَغْسِيلِهِ، وَتَكْفِينِهِ، وَحَمْلِهِ، وَالْمَشْيِ مَعَهُ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَحُضُورِ