الْمُشَاكَلَةِ فَقَدْ ذَكَرْتُهَا قَدِيمًا فِي كِتَابِي شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْمَعَانِي اسْتِخْرَاجًا بِفِكْرِي، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَخْذُهَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ حَيْثُ قَالَ: الْمُشَابَهَةُ هِيَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِلَفْظِ غَيْرِهِ لِوُقُوعِهِ فِي صُحْبَتِهِ، فَقَوْلُهُ: ذِكْرُ الشَّيْءِ بِلَفْظِ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمَجَازِ. وَقَوْلُهُ وُقُوعُهُ فِي صُحْبَتِهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَلَاقَةِ وَهِيَ الصُّحْبَةُ وَالْمُجَاوَرَةُ فِي اللَّفْظِ كَمَا سُمِّيَتِ الْقَرْيَةُ رَاوِيَةً لِمُجَاوَرَتِهَا لِلْجَمَلِ الْمُسَمَّى بِهَا حَقِيقَةً، فَهَذِهِ هِيَ عَلَاقَةُ أَصْلِ الْمُشَاكَلَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ السَّادِسِ - فَهُوَ كَمَا ذَكَرَهُ - أَقُولُ: إِنْ كَانَ هَذَا تَسْلِيمًا لِصِحَّةِ الْجَوَابِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ كَانَ تَسْلِيمًا لِعَزْوِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِقَرِينَةِ مَا عَقَبَهُ مِنَ الْإِشْكَالِ فَجَوَابُهُ أَنْ لَا إِشْكَالَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ، وَاللَّمْحَةُ الْمُشِيرَةُ إِلَيْهِ أَنَّ دَقَائِقَ أَهْلِ الْمَعْقُولِ لَا يَعْبَأُ بِهَا أَهْلُ الْفِقْهِ وَحَمَلَةُ الشَّرْعِ الَّذِي مَرْجِعُ التَّكْلِيفِ إِلَيْهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَتَبْتُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَسَمَّيْتُهُ الْجَوَابَ الْمُصِيبَ عَنْ أَسْئِلَةِ اعْتِرَاضَاتِ الْخَطِيبِ.
مَسْأَلَةٌ:
أَيَا عَالِمًا أَضْحَى بِهِ الدَّهْرُ بَاسِمًا
... يُشَبَّهُ بِالدَّهْرِ الْقَدِيمِ وَبِالصَّدْرِ
تَأَمَّلْ رَعَاكَ اللَّهُ قَوْلِي فَإِنِّي
... جَهُولٌ بِهِ لَكِنَّهُ جَالَ فِي فِكْرِي
فَلَمْ أَجِدِ الشَّافِي لِدَائِي فَلَمْ أَزَلْ
... أُفَتِّشُ فِي أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالذِّكْرِ
فَدَلَّنِيَ الْعَقْلُ السَّلِيمُ عَلَيْكُمُ
... لِأَنَّكُمْ أَهْلُ الْمَآثِرِ وَالْفَخْرِ
وَفَضْلُكُمُ فِي النَّاسِ أَشْهَرُ مَنْ قَفَا
... وَخَيْرُكُمْ عَمَّ الْبَوَادِي مَعَ الْحَضَرِ
فَجَرَّدْتُهُ كَيْ تُسْعِدُونِي تَفَضُّلًا
... عَلَيَّ لِتَحْظَوْا فِي الْقِيَامَةِ بِالْأَجْرِ
وَأَنْشُرُهُ فِي النَّاسِ مِنْ بَعْضِ فَضْلِكُمْ
... مُضَافًا إِلَى مَا كَانَ فِي سَالِفِ الْعُمْرِ
فَقَدْ وَرَدَ التَّصْحِيحُ فِي كُلِّ مُسْنَدٍ
... بِأَنَّ إِلَهَ الْعَرْشِ يُنْظَرُ فِي الْحَشْرِ
وَلَمْ يُرَ فِي الدُّنْيَا فَمَا الْقَوْلُ هَهُنَا
... وَمَا حِكْمَةٌ فِي الْمَنْعِ يَا عَالِمَ الْعَصْرِ
وَقَدْ يَنْزِلُ الْمَهْدِيُّ عِيسَى لِأَرْضِنَا
... فَيَكْسِرُ صُلْبَانًا كَمَا صَحَّ فِي الذِّكْرِ
فَهَلْ ثَمَّ صُلْبَانٌ وَفِي الْأَرْضِ عُصْبَةٌ
... تَقُومُ عَلَى حَقٍّ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ
وَهَلْ صَحَّ أَنَّ الْمُصْطَفَى سَيِّدُ الْوَرَى
... رَسُولُ إِلَهِ الْعَرْشِ خُصِّصَ بِالْفَخْرِ
يَقُولُ بِأَنَّ الْخَيْرَ فِيَّ وَأُمَّتِي
... لِيَوْمِ قِيَامِ الْخَلْقِ فِي مَوْقِفِ الْحَشْرِ
وَمَا رُسُلُ الْجِنِّ الَّذِي جَاءَ ذِكْرُهَا
... صَرِيحًا بِنَصِّ الْقَوْلِ فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ
وَهَلْ لِنَبِيِّ اللَّهِ هَارُونَ لِحْيَةٌ
... تُرَى فِي جِنَانٍ إِذْ بِهِ النَّصُّ فِي الذِّكْرِ