فالجواب: أنه إنما ضم هذا، لأجل أن الأصل اغزوي واغدوي، ثم اعتلت الواو، فحذفت، ووليت الياء الزاي والدال، فانكسرتا من أجلها، فإنما الضمة في الهمزة مراعاة للأصل، كما تقول في الصحيح: اقتلي، ادخلي، اخرجي.
فإن قلت: فلم كسرت الهمزة في نحو: ارموا اقضوا، اشروا1، والثالث مضموم.
فالجواب هنا كالذي قبله، وذلك أن أصل هذا: ارميوا، اقضيوا، ثم حذفت الياء وانضم ما قبلها، فبقيت الهمزة هنا مكسورة، كما بقيت فيما قبل مضمومة.
فأما لام التعريف فالهمزة معها مفتوحة، وذلك لأن اللام حرف، فجعلوا حركة الهمزة معها فتحة، لتخالف حركتها في الأسماء والأفعال.
فأما ايمن في القسم، ففتحت الهمزة فيها، وهي اسم، من قبل أن هذا اسم غير متمكن، ولا يستعمل إلا في القسم وحده، فلما ضارع الحرف بقلة تمكنه فتح تشبيها بالهمزة اللاحقة لحرف التعريف، وليس هذا فيه إلا دون بناء الاسم، لمضارعته الحرف، وأيضا فقد حكى يونس: ايم الله بالكسر، فقد جاء فيه الكسر أيضا كما ترى.
ويؤكد عندك أيضا حال هذا الاسم في مضارعته الحرف، أنهم قد تلاعبوا به وأضعفوه، فقالوا مرة ايمن الله، ومرة ايم الله، ومرة ايم الله، ومرة م الله، ومرة م الله2، وقالوا: من ربي، ومن ربي، فلما حذفوا هذا الحذف المفرط، وأصاروه من كونه على حرف واحد إلى لفظ الحروف، قوي شبه الحرف عليه، ففتحوا همزته، تشبيها بهمزة لام التعريف.
فأما العلة التي لها سكنت أوائل الأسماء والأفعال، حتى احتيج لذلك إلى همزة الوصل، فقد ذكرتها في كتابي في شرح تصريف أبي عثمان رحمه الله.
وقد زيدت الهمزة في الخطاب نحو قولك للرجل هاء، وللمرأة هاء, سيأتيك هذا في باب الكاف مفصلا إن شاء الله.