مريم: 26 1، و {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} الإسراء: 28 2، مع أن الجازم أضعف من الجار؛ لأن عوامل الأفعال في الجملة أضعف من عوامل الأسماء؛ فالاعتراض بـ "ما" ومشابهتها "ها" بين الجار والمجرور؛ أولى بالجواز؛ فهذا عندي جواب هذه الزيادة والانفصال منها، وليس يجاب عنها بأبلغ ولا أحوط مما ذكرناه. فاعرفه إن شاء الله.
فقد صح بما أوردناه ولخصناه واستقصيناه: أن حرف التعريف إنما هو اللام وحدها دون الهمزة، ويبقى ههنا بعد هذا كله أربعة سؤالات، وهي:
أنه إذ صح أن اللام وحدها حرف التعريف؛ فما الذي دعاهم إلى أن جعلوا مفيد التعريف حرفًا واحدًا؟ فهذا سؤال واحد.
والآخر: إذ جعلوه حرفًا واحدًا؛ فلم جعلوه ساكنًا؟
والثالث: إذ جعلوه حرفًا واحدًا ساكنًا؛ فلم جعلوه اللام دون سائر الحروف؟
الرابع: إذ جعلوه حرفًا واحدًا ساكنًا، وهو اللام؛ فلم جعلوه في أول الكلمة دون آخرها؟
واعلم أن الأجوبة عن هذه المسائل وإن اختلفت جهاتها؛ فإنها ترجع إلى تصحيح غرض واحد وتأكيده، وإذا كانت الأجوبة تنساق إلى وجه واحد؛ دل ذلك على صحتها في النفس وشهادة بعضها لبعض.
فأما لِمَ جعل حرف التعريف حرفًا واحدًا؛ فقد تقدم من قولنا ما يكون جوابًا له، وهو أنهم لما أرادوا خلطه بما بعده ومزجه به لما أحدث فيه من انتقال المعنى؛ أشبعوا ما قصدوا له بأن جعلوه على حرف واحد ليضعف عن انفصاله مما بعده؛ فيعلم بذلك أنهم قد اعتزموا على خلطه به.