وإذا كانت "إن" وما نصبته في تقدير اسم مرفوع؛ وجب أن تكون اللام داخلة عليهما كليهما؛ لأنهما في موضع اسم مبتدأ كما تدخل على الاسم المبتدأ، وهذا أيضًا واضح.
والدليل الثاني: أن "إن" عاملة للنصب، وهي تقتضي الأسماء لتنصبها؛ فلا يجوز أن تكون مرتبة اللام بعدها وأن يكون التقدير: "إن لزيدًا قائم"؛ لأن "إن" لا تلي الحروف؛ لا سيما إذا كان ذلك الحرف مما يحصن الاسم من العوامل ويصرفه إلى الابتداء.
فإن قيل: فقد ثبت أن اللام كان سبيلها أن تكون فى أول الكلام، وصح بما قدمته؛ فهلا جمع بينها وبين "إن" فكان ذلك يكون أوكد، ولِمَ فصل بينهما؟
فالجواب أنه ليس في الكلام حرفان لمعنى واحد مجتمعان، والعلة في ذلك أن الغرض في هذه الحروف الدوال على المعاني؛ إنما هو التخفيف والاختصار، ألا ترى أن "هل" تنوب عن أستفهم و"ما" تنوب عن أنفي.
وقد تقدم نحو هذا في أول هذا الكتاب؛ فإذا كان الغرض فيها إنما هو الاختصار والاستغناء بالقليل عن الكثير؛ فلا وجه للجمع بين حرفين لمعنى واحد، إذ في الواحد كفاية في الآخر وغناء عنه، ولو جمع معه لانتقض الغرض بتكريره والإكثار بإعادته؛ فإذا تباعد عنه؛ لم يجتمع في اللفظ معه استجيز اجتماعهما في الجملة الواحدة؛ كما جاز الجمع بين حرف النداء والإضافة لتباعدهما في نحو يا عبد الله وما أشبهه.
فإن قيل: فإذا كان كذلك فلم أخرت اللام إلى الخبر، وأقرت إن في أول الكلام، وهلا عمس الأمر في ذلك؟
فالجواب: أنه إنما أخرت اللام إلى الخبر، وجعلت إن مع المبتدأ من قبل أن "إن" عاملة، والمبتدأ لا يكون إلا اسمًا؛ فقد يجوز أن يكون جمل وظرفًا؛ فلما لم يلزم أن يكون الخبر اسمًا مفردًا، وجاز أن يكون مبتدأ وخبرًا، وفعلًا وفاعلًا، وظرفًا؛ جعلت اللام التي هي غير عاملة في ما قد لا يكون مفردًا، وجعلت "إن" العاملة تلي الاسم الذي سبيله أن يكون مفردًا؛ فالضرورة التي أخرت لها اللام إلى