الموصولة من الأسماء المتمكنة، صيغت لها أسماء التثنية على نحو تثنية الأسماء المتمكنة، ولما كانت الأسماء المضمرة لا تقرب من الأسماء المتمكنة لأنها لا توصف ولا يوصف بها لم يصغ لا أسماء على نحو الأسماء المتمكنة.
فأما قولهم مررت بك أنت، ومررت به هو، فأنت وهو ليسا وصفا يستفاد بهما البيان والإيضاح، إنما الغرض فيمها التوكيد والتحقيق، فلما كانت كذلك بعدت من المتمكنة، فخالفوا بينها وبين ما قارب المتمكنة بأن صاغوا لها أسماء للتثنية على غير صورة الأسماء المثناة المتمكنة، فقالوا: أنت وأنتما، وهو وهما، ولم يقولوا أنتان ولا هوان كما قالوا ذان واللذان لما ذكرت لك.
ويزيد عندك في وضوح ذلك أنهم قد حقروا الأسماء المشار بها والأسماء الموصولة كما حقروا المتمكنة، فقالوا: ذيّا وتَيّا، واللَّذَيا واللَّتَيا، ولم يجئ شيء من التحقير في الأسماء المضمرة، فدل ذلك على بعدها من الأسماء المتمكنة.
قال أبو علي: ولذلك قالوا: ذا، وأصله ذَيْ، فأبدلوا ياءه ألفا وإن كانت ساكنة، ولم يقولوا ذي لئلا يشبه كي وأي، فأبدلوا ياءه ألفا ليلحق بباب متى وإذا، ويخرج عن شبه الجرف بعض الخروج، فهذا أيضًا يؤكد ما تقدم.
فأما الدليل على أن عين "ذا" ياء وأنها ساكنة فقد ذكرته في كتابي في شرح تصريف أبي عثمان رحمه الله. ويؤنسك بأن لفظ التثنية قد لا يكون تثنية لواحد قولهم: عقلتُه بثنايين، وقول عنترة1:
أحولي تنفُض استُكَ مِذْرَوَيْها
... لتقتلني فها أنا ذا عمارا2
فصحة الواو والياء إنما هي لأنهم لم يفردوا لهما واحدا. ونظير هذا من الجمع مقتوين في أحد قولي سيبويه3، لأن صحة واوه تدل على أنه ليس له واحد.