ليس علامة للصرف بمنزلة تنوين رجُلٍ وفَرَسٍ، وإنما هو بمنزلة نون مسلمين، فكما أن تلك النون ليست علمًا للصرف، فكذلك تنوين مسلمات ليس علمًا للصرف.
فإن قيل: فإن سيبويه قد قال: "إن عرفات منصرفة"1 وقد اجتمع فيها -كما علمت- التعريف والتأنيث، فما أنكرت أن يكون تنوين مسلمات علمًا للصرف على ما حكيناه من قول سيبويه؟
فالجواب: أن سيبويه إنما أراد بقوله: "إن عرفات مصروفة" أن فيها تنوينًا كما أن في رجل وفرس تنوينًا، ألا ترى أن في عرفات من التعريف والتأنيث ما يمنع الصرف. إلى هذا رأيت أبا علي يذهب، وبهذا الاستدلال استدل.
واعلم أن من العرب من يشبه التاء في مسلمات معرفة بتاء التأنيث في طلحة وحمزة، ويشبه الألف التي قبلها بالفتحة التي قبل تاء التأنيث، فيمنعها حينئذ من الصرف، فيقول: هذه مسلماتُ مقبلةٌ، كما تقول: هذه سعدةُ مقبلة، وعلى هذا بيت امرئ القيس:
تَنَوَّرْتُها من أذْرِعاتَ2 وأهلُها
... بيثربَ أدنى دارها نظرٌ عالي3
وقد أنشدوه: من أذْرِعاتٍ4. قال الأعشى5:
تَخيَّرَها أخو عاناتَ شهرًا
... ورَجَّى بِرَّها عامًا فَعاما6
وعلى هذا ما حكاه سيبويه من قولهم: "هذهِ قُرَيْشِياتُ"7 غير مصروفة.