ونحو بيت الكتاب1:
وكنتَ إذْ كنتَ إلهِي وحدَكا
... لم يكُ شيءٌ يا إلهي قبلَكا2
فلما قدره يك جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون وهي ساكنة تخفيفًا، فبقي محذوفًا بحاله، فقال: لم يكُ الحقُّ، ولو كان قدره يكُنْ، فبقَّى النون، ثم جاء بالحق لوجب أن تكسر نونه لالتقاء الساكنين، فتقوى بالحركة، فلا تجد سبيلا إلى حذفها إلا مستكرَهًا، فكان يجب أن تقول: لم يكنِ الحقُّ.
فأما ما لا بد من القضاء بحذفه لالتقاء الساكنين فبيت الكتاب3:
فلستُ بآتيه ولا أستطيعه
... ولاكِ اسقني إن كان ماؤكَ ذا فضلِ4
فهذا أراد: ولكنْ اسقني، فحذف النون لالتقاء الساكنين البتة.
ومثله قول الآخر5:
ولا تطلُبا لي أيِّمًا إن طلبتما
... فإن الأيماى لسنَ لي بشُكُول
ولاكِ اطلبا لي ذات بعل محلها
... رواءٌ وخيمٌ بالعذَيبِ ظليلُ6
أراد: ولكن اطلبا لي. وهو مع ذلك أقبح من حذف نون "مِنْ" من قبل أن أصل لكنِ المخففة لكنَّ المشددة، فحذفت إحدى النونين تخفيفًا، فإذا ذهبت تحذف النون الثانية أيضًا أجحفت بالكلمة، فلهذا كان أقبح من حذف نون "من".