ولقد يتوجه على هذا عندي قول الشاعر1:
هجوتَ زبّانَ ثم جئتَ معتذرًا
... من هجوِ زبانَ لم تهجُو ولم تَدَعِ2
فكأنه أراد "لم تهجُ" بحذف الواو للجزم، ثم أشبع ضمة الجيم، فنشأت بعدها الواو، ويجوز أيضًا أن يكون ممن يقول في الرفع "هو يهجو" فيضم الواو، ويجريها مجرى الصحيح. فإذا جزم سكنها، فتكون علامة الجزم على هذا القول سكون الواو من "تهجو" كما أسكن الآخر ياء "يأتي" في موضع الجزم، فقال3:
ألم يأتيكَ والأنباءُ تَنْمي
... بما لاقت لَبُونُ بَنِي زِيادِ4
فكأنه ممن يقول: "هو يأتيُك" وسنذكر ذلك في حرف الياء بإذن الله تعالى. وقد استعمل أبو تمام -وإن كان محدثا- ما ذكرناه من إشباع الضمة حتى نشأت بعدها واو، وذلك قوله5:
يقول فيسمعُ، ويمشي فيسرعُ
... ويضرب في ذات الإله فيوجعُ6
فالواو في اللفظ بعد العين في "يسمعُ" إنما هي إشباع ضمة العين، وذلك أن البيت لا يُقَفَّى ولا يصرع في وسط المصراع الأول، وأما الواو بعد عين "يسرعُ" فواو