فأما ما أجازه من قوله: "ووَّيت" فمردود عندنا؛ لأنه إذا لم تجتمع واوان في أول الكلمة فالثلاث أحرى بأن لا يجوز اجتماعها. فأما قوله عز اسمه: {مَا وُوْرِيَ عَنْهُمَا} الأعراف فإنما اجتمعت في أوله واوان من قِبَل أن الثانية منهما مدة مبدلة من ألف "واريت" وليست بلازمة، فلأجل ذلك لم تُعتدّ.
وأما قوله: "وبعضهم يجعل الواو همزة" فهذا هو الصواب الذي لا بد منه، ولا مذهب لنظار عنه. وأما ما حكاه من قولهم في "ما" و"لا": مويت، ولويت، فإن القول عندي في ذلك أنهم لما أرادوا اشتقاق "فعلت" من "ما" و"لا" لم يمكن ذلك فيهما وهما على حرفين، فزادوا على الألف ألفا أخرى، ثم همزوا الثانية كما تقدم، فصارت "ماء" و"لاء"، فجرت بعد ذلك مجرى "باء" و"حاء" بعد المد.
وعلى هذا قالوا في النسب إلى "ما" لما احتاجوا إلى تكميلها اسما محتملا للإعراب: قد عرفت مائية الشيء، فالهمزة الآن إنما هي بدل من ألف ألحقت ألف "ما" وقضوا بأن ألف "ماء" و"لاء" مبدلة من واو كما قدمناه من قول أبي علي، وأن اللام منهما ياء حملا على "طويت" و"رويت"، ثم لما بنوا منهما "فعلت" قالوا: مويت ماء حسنة، ولويت لاء حسنة.
وقوله: "لمكان الفتحة فيهما" أي: لأنك لا تميل "ما" و"لا" فتقول "ما" و"لا"، أي فذهب إلى أن الألف فيهما من واو.
وهذا هو الذي حكيناه عنهم من أن اعتقادهم أن ألف "باء" و"حاء" وأخواتهما منقلبة عن ياء لأجل ما فيهما من الإمالة، حتى إنهم لما لم يروا في "ما" و"لا" إمالة حكموا بأن ألفهما منقلبة من واو.
وقد ذكرنا وجه الإمالة من أين أتى هذه الألفات، ودللنا على صحة مذهب أبي علي فيما مضى من هذا الفصل.
ولو جمعت هذه الأسماء على "أفعال" لقلت في دال، وذال: أدوال، وأذوال، وفي صاد، وضاد: أصواد وأضواد، وفي قاف، وكاف: أقواف، وأكواف، وفي لام: ألوام، وفي واو فيمن جعل ألفها منقلبة عن واو: أواء،