أَكَفَرْتُمْ} 1 معناه: فيقال لهم، لأن أمّا لا بد لها في الخبر من فاء، فلما أضمر القول أضمر الفاء. ومثله2:
فلا تدفِنُوني إن دَفْني محرّمٌ
... عليكم ولكن خامِري أمَّ عامر
أي اتركوني للتي يقال لها "خامري". ومنه {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} 3 أي: يعمّركم لتبلغوا أشدّكم. ومن باب الإضمار: "أثَعْلَباً وتَفِرُّ" أي: أترى ثعلباً. وفي كتاب الله جلّ ثناؤه: {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ} 4 أي يقولون: و"أسر رجلٌ أسيراً ليلاً فلما أصبح رآه أسوَدَ فقال: أعبداً سائرَ الليلة" كأنه قال: أراني أسرت عبداً. ومن الإضمار: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ} 5 فهذا مضمَر كأنه لما سألهم عادوا بالسؤال عليه فقيل له: {قُلْ لِلَّهِ} .
ومن الإضمار {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ} 6 معناه: فضربوه فحَيَّ كذلك "يُحيى اللهُ الموتى" ومثله في كتاب الله كثير.
باب من الإضمار الآخر:
العرب تضمر الفعل فيشتبه المعنى حتى يُعْتَبَر فُيوقَفَ على المراد. وذلك كقول الخنساء7:
يا صَخْرُ وَرّادَ قد تَنَاذَرَهُ
... أهلُ المواردِ ما في وِرْدِه عارُ
ظاهر هذا أن معناه: ما على ما وردَه عار، وليس في ورد الماء عار فيُبْجَحَ به. ولكن معناه: ما في ترك ورْدِهِ مخافةً عارٌ. وإنما عَنَتْ أنه ورد ماءً مخوفاً يتحاماه الناس فيُنذِرُ بعضهم بعضاً، تقول: فهو يرد هذا الماء لجُرْأته. ومثله قول