و"العصيم" أثر الهِناء. وإنما أراد هَنَأتَه بهِناء. وله أن يبسُط فيقول كما قال الأعشى1:
إن تَرْكَبوا فركوب الخيل عادَتُنا
... أَوْ تَنْزِلونَ فإنَّا مَعْشَرٌ نُزُل
معناه: إن تركبوا رَكِبنا وإن تنزلوا نزلنا، لكن لَمْ يستقم لَهُ إِلاَّ بالبسط وكذلك قوله2:
وإن تسكُني نجدا فيا حَبَّذا نَجْدُ
أراد: أن تسكني نجداً سكناه, فبَسط لما أراد إقامة الشِّعر، أنشدنيها أبي فارس بن زكريّاء قال أنشدني أبو عبد الله محمد بن سعدان النحوي الهمذاني, قال أنشدني أبو نَصْر صاحب الأصمعي3:
قَضَيْت الغواني غير أنَّ مَوَدَّةً
... لِذَلْفاءَ ما قضيت أخِرَها بعدُ
فيا رَبْوَةَ الرَّبْعَيْن حُيّيتِ ربوةً
... عَلَى النأْي مني واسْتَهَلَّ بكِ الرَّغْدُ
فإن تَدَعي نَجْداً نَدَعْهُ ومن بِهِ
... وإن تَسكُنِي نجداً فيا حَبَّذا نجْدُ
وما سوى هَذَا مما ذَكِرَتِ الرُّواةُ أن الشُّعراء غلطوا فِيهِ فقد ذكرناه فِي "كتاب خُضارة" وهو "كتاب نعت الشِّعر".
وهذا تمام الكتاب "الصاحبي" أتم الله عَلَى "الصاحب" الجليل النِّعَم، وأسْبغَ لَهُ المواهِبَ، وسَنَّى لَهُ المَزِيدَ من فضلِهِ، إنه وليُّ ذَلِكَ والقادِرُ عَلَيْهِ. وصلى الله تعالى عَلَى نبيه محمد وآله أجمعين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.