الشّغب: من البسيط
فارَقْتُ شَغْبا وقد قُوِّسْتُ من كِبَرٍ
... لَبئْسَتِ الخَلَّتانِ الثُّكلُ والكِبَرُ.
فذكر مصيبته بابنه مع تقوُّسه من الكبر ثم التفتَ إلى معنى كلامه فقال: لبئست الخلَّتان. وكما قال جرير: من الوافر :
أتَذْكُرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيها
... بِعودِ بَشَامَةٍ سُقِيَ البَشامُ.
وكما قال الله عزَّ وجلَّ: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} 1 فنهى عن الإفتراء ثم وعد عليه فقال: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} .
الفصل التاسع والتسعون: في الحشْو.العرب تقيم حشْو الكلام مقام الصلة والزِّيادة وتُجريه في نظام الكلمة وهو على ثلاثة أضْرُب: ضَرب منها رديء مذموم كقول الشاعر: من المجزوء الوافر
ذَكَرْتُ أخي فَعاوَدَني
... صُداعُ الرَّأسِ والوَصَبُ.
فَذَكَر الرَّأس وهو حشو مُسْتَغنى عنه لأن الصُّداع مُخْتَصٌ بالرَّأس فلا معنى لذكره معه. وكقول الآخر: من المنسرح
صُدودُكُمْ والدِّيارُ دانيَةٌ
... أهْدى لِرأسي ومِفْرَقي شَيبا.
فقوله: مفرقي مع ذكر الرأس حشو بَغيض. وكقول الآخر: من الطويل
إذا لَمْ يَكُنْ للمَرْءِ في دولة امرئٍ
... نَصيبٌ ولا حظٌّ تَمَنَّى زَوالَها.
والنَّصيب والحظ بمعنى واحد. وأما الضرب الأوسط فكقول امرئ القيس: من الطويل
ألا هل أتاها والحوادِثُ جَمَّة
... بِأنَّ امرأ القيسِ بن تمْلكَ بَيْقَرا2.
فقوله: والحوادثُ جَمَّة حشو مُستغنى عنه ولكن لا بأس به في موضعه. وكقول النَّابغة: من الطويل
لَعَمْري وما عَمري عليَّ بِهَيِّنً
... لَقَد نَطَقَتْ بُطْلاً على الأقارِعُ.
فقوله: وما عمري عليَّ بِهَيِّنٍ حشو يتم الكلام بدونه ولكنه محمود لما فيه من تفخيم اللفظ وتأكيد المراد. وأما الضَّرب الثالث فهو الحشو الحسن اللطيف كقول