لكلّ ريح فيه ذيل مسفور
… والدخن يوما والعجاج المهمور (1)
قال (فيه) لأن الدار مكان فحماه على ذلك.
وزعم الخليل أن حبّذا بمنزلة: حبّ الشيء، ولكن (ذا) وحب بمنزلة كلمة نحو (لولا) وهو اسم مرفوع كما تقول: يا ابن عمّ، فالعم مجرور.
ألا ترى أنك تقول للمؤنث: حبّذا ولا تقول: حبذه؛ لأنه صار مع (حبّ) على ما ذكرت لك، وصار المذكر هو اللازم لأنه كالمثل. وسألته عن قول الراعي:
فأومأت إيماء خفيّا لحبتر
… ولله عينا حبتر أيما فتى (2)
فقال: (أيما) تكون صفة للنكرة وحالا للمعرفة، وتكون استفهاما مبنيّا عليها، ومبنية على غيرها، ولا تكون لتبين العدد ولا في الاستثناء نحو قولك:
أتوني إلا زيدا. ألا ترى أنك لا تقول: له عشرون أيما رجل، ولا أتوني إلا أيما رجل.
فالنصب في: لي مثله رجلا كالنصب في: عشرين رجلا، فأيما لا تكون في الاستثناء ولا تختص بها نوعا من الأنواع ولا يفسر بها عدد.
وأيما فتى: استفهام. ألا ترى أنك تقول: سبحان الله ما هو ومن هو؟ فهذا استفهام فيه معنى التعجب، ولو كان خبرا لم يجز ذلك؛ لأنه لا يجوز في الخبر أن تقول: من هو؟ وتسكت.
وأما أحد وكرّاب وأرم وكتيع وعريب وما أشبه ذلك فلا يقعن واجبات ولا حالا ولا استثناء. ولا يستخرج به نوع من الأنواع فيعمل ما قبله فيه عمل عشرين في الدرهم، إذا قلت: عشرون درهما.
ولكنهن يقعن في النفي مبنيّا عليهن ومبنية على غيرهن، فمن ثم تقول. وما في الناس مثله أحد، حملت (أحدا) على مثل ما حملت عليه (مثلا)، وكذلك: ما مررت بمثلك أحد. وقد فسرنا لم ذلك، فهذه حالها كما كانت تلك حال إنما.